الفصل الرابع عشر ج١

Background color
Font
Font size
Line height

#الفصل_الرابع_عشر_ج١

اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
صلِ على النبي 3مرات
لا حول ولا قوة إلا بالله 3مرات

وعند أشد ساعات الليل ظلمة وسكون.
اضطرب جفنيه بعد الاستغراق في سُباتٍ عميقٍ طوال ساعات النهار ، وبدأ يستيقظ رويدًا رويدًا .. حتى اعتدلت فرحة بعض الشيء واشعلت المصباح الجانبي لها، وعادت تنظر له بابتسامة عكرها طيف من القلق وقالت :
_ عامل إيه دلوقتي ..؟!

ظل زايد للحظات غير مدرك ما سبب هذا السؤال ، حتى تذكر إزدياد إصابة قدمه بعد ما حدث مع "چين" وقريبها الغبي ، فأجاب وهو يتفقد حركة ساقة ويختبر ثقلها :
_ اتحسنت عن امبارح الحمد لله، ما تقلقيش أنا بخير.

تنهدت فرحة بأطمئنان وقالت :
_ الحمد لله .. هو الدكتور طمني ، بس نومك طول اليوم بالشكل ده قلقني، خصوصا أنك بتحب الحركة ومش كسول.

ابتسم زايد لها وقال :
_ بسبب اللي حصل الحفلة اتأجلت ، وبصراحة أنا مش بحب جو الحفلات والكلام ده ..

همست وهي تكتم ضحكتها قائلة :
_ بصراحة ولا أنا .. بس والدك مصمم ..

تشاركا ابتسامات واسعة سريعة، حتى سألها زايد بأهتمام :
_ بابا كلمك عن أي حاجة تخص اللي حصل يوم الفرح ؟

اومأت فرحة رأسها بالنفي وأجابت :
_ لأ بالعكس ، رجع معاملته ليا زي الأول .. والحقيقة كنت مستغربة ، خصوصا أنه تقريبًا هددني وقتها و...

قاطعها زايد وقال ببعض الضيق:
_ لو سمحتي مش عايز أفتكر اللي حصل ... اليوم ده لازم يتحذف من ذاكرتي ... عشان أقدر أعيش.

تعجبت منه فرحة، كأنه يمتلك مفاتيح نفسه وأفكاره وعقله ويستطيع حذف ما يشاء !! ... ليت الأمور بتلك البساطة !!
لاحظ زايد شرودها فـ شك بشيء وسأل بحدة :
_ حد ضايقك هنا ؟

قالت بتأكيد بعدما فهمته :
_ تقصد الولية مرات أبوك وأبنها المعتوه ؟! .... لأ .. محدش فيهم كلمني ولا شوفتهم النهاردة اصلًا ... طول اليوم قاعدة جانبك وبراقبك ...

عادت ابتسامته مرة أخرى بمرح وقال :
_ عاجبني تسميتك ليهم، هما فعلًا يستحقوا !.. بس تعالي هنا ، بتراقبيني وأنا نايم ليه ؟ .. مش كفاية وأنا صاحي..! 

ودقق النظر بعينيها وهو مبتسما بمكر، فابتلعت ريقها واجابت بتوتر :
_ الله ... مش أنت مريض وأنا مراتك ؟! .. الأصول بتقول أبقى جانبك .. هو أنت شاكك أني مابفهمش ؟!

تمتم زايد بشيء وهو يغمض عينيه بغيظ، ثم قال :
_ شاكك ؟! ..

وختم قوله بابتسامة ساخرة أستفزتها، وترددت في قول شيء ، وقد لاحظ ذلك فسأل باهتمام :
_ في حاجة عايزة تقوليها ؟

هزت فرحة رأسها بالإيجاب ثم قالت بضيق :
_ بصراحة أنا جعانة أوي ... مكلتش من الصبح، ومكسوفة أطلب أكل ومنزلتش اتغدى معاهم .. أتصرف. 

نظر لها للحظات ثم ابتسم واصبحت ابتسامته ضحكة عالية، فاغتاظت فرحة منه ولكمته على كتفه ، ولكنه لم يستطع التحكم في ضحكاته ، فهتفت به بغيظ :

_ أنت بتضحك على إيه ؟! .. يعني أنا غلطانة أني فضلتك على نفسي وفضلت جانبك ومتغدتش !!.

تماسك زايد بعض الشيء ثم قال بابتسامة واسعة :
_ أنتي زوجة صالحة جدًا ! ... عشان كده ليكي عندي مكافأة.

وضحك مرة أخرى وهو يأخذ هاتفه ويطلب رقم مطعم شهير يعرفه ، وقال لها وهو يكتم ضحكته :
_ أجيبلك قد ايه لحمة... ولا اتصل بالجزار ؟

ضحكت رغما عنها وهي تأخذ منه الهاتف وتطلب ما تريده، ثم سألته وهي تتظاهر بالجدية  :
_ هتاكل ايه ؟ .. اطلبك بيتزاية؟

قال مبتسما بأستفزاز:
_ سي فود ..

أخبرت العامل وانهت الإتصال ، ثم كادت أن تتحدث حتى سمعت دق على باب الغرفة ، فنهضت وهي تأخذ حجابها وتحكمه حول رقبتها وفتحت الباب ، لتجد نوران أمامها بنظرات شامتة وقالت :
_ زايد لسه نايم برضه ؟ ... ده ممكن تكون رجله اتكسرت تاني والمفروض أنه كان خلاص قرب يقف عليها !! ..

هتفت فرحة فيها بعصبية وقالت :
_ لأ الحمد لله ...  صحي من بدري وكويس جدًا ، وطلبنا أكل بالتليفون .

ابتهجت فرحة وهي تتحدث حتى قالت نوران بسخرية :
_ طب ما قولتيش ليه لأي حد من الخدم كان عملكم كل اللي انتوا عايزينه ! ..

اجابتها فرحة بثقة :
_ كسلت أنزل صراحة ... طلبلي لحمة مشوية ، وأنا طلبتله سي فود ... بنحب بعض أوي اوي يام هيثم.

شهقت نوران بذهول ، ثم قالت بعصبية :
_ إيه ام هيثم دي هو أنتي فاكرة نفسك لسه في الحارة بتاعتك ؟! ...

تمتعت فرحة بعصبيتها وقالت غير مكترثة لإهانة نوران :
_  بكبرك يا أم هيثم ... ده أنا كنت لسه هقولك يا حماتي كمان ..! الوحدة لازم تحترم ست كبيرة زيك برضه وتديها وضعها..

التهب وجه نوران بغضب ، ثم ذهبت من أمامها بخطوات سريعة حتى أختفت ، نظرات فرحة لها بسخرية ودخلت غرفتها من جديد ... حتى وجدت زايد في نوبة قوية من الضحك ويحاول كتم صوته ، ثم قال بضحكة:
_ أنتي كنتي أرق من كده قبل ما تتعاملي معاها !!

قالت بتاكيد :
_ ليه هو أنا كنت هسيبها تضايقك واسكت ؟!

وادركت فرحة ما قالته عندما ابتسم لها بمكر ومحبة بآنّ واحد ، وعادت لشخصيتها الهادئة وقالت بجدية :
_ هي فعلًا أنسانة مش مريحة ، وعندك حقك ما تحبهاش ، تصرفاتها معاك كلها كره زي إبنها بالضبط .. أنت أزاي كنت بتسكتلها السنين اللي فاتت دي ؟

نظر لها زايد بابتسامة هادئة اختفت بالتدريج وقال ببعض الشرود بعد ذلك :
_ أقولك سر ... ؟
مش دايمًا السكوت بيبقى تجاهل وثبات ، ساعات بيكون تعب ! .. أول مرة أعترف .. بس الست دي اتسببتلي في أذى نفسي كتير أوي من اول يوم دخلت فيه البيت ده ..

سألته فرحة وبدأت تتولد بداخلها كراهية حقيقية نحو نوران وقالت :
_ اتسببتلك في أذى نفسي ؟! ... ليه عملت ايه بالضبط ؟

بدت عينا زايد شاردتان للبعيد ويلتمع فيهما الألم لشيء لم يستطع الافصاح عنه، فقالت لتغير مجرى الحديث :
_ هو الأكل هيتأخر انا جعانة أوي .!

ابتسم بمجاملة رغم المرارة بعينيه، وقال بعدما نظر لساعة الحائط :
_ ساعة بالكتير ..

وبدلت فرحة ملابسها لملابس اكثر احتشامًا واستأذنته لتخرج وتعد بعض الفاكهة سريعا ، وبعد مرور بعض الدقائق استقبل هاتفها نغمة اتصال سريع، ثم رسالة .. نظر له زايد وتعجب بعض الشيء ، ثم تذكر شقيقها فأخذ الهاتف ليتصل به فربما هو من حاول الإتصال ، ليجد رقم المتصل مجهول ! ... ولكن اتسعت عينيه بذهول عندما ظهر الاسم على احد برامج كشف هوية المتصل ! ... وردد بصدمة :
_ هيثم !!

ظل لحظات في حالة دهشة حتى قرر فتح الرسالة المستلمة من نفس الرقم على برنامج " الواتساب" ليجد فحوى الرسالة :

_ ده العنوان بالضبط زي ما أتفقنا .. لازم بكرة نتقابل قبل الحفلة .. ومتخافيش ، هعمل نفسي معرفكيش عشان محدش يشك فينا ..

وانتهت الرسالة بمظهر تعبيري ضاحك وساخر ! .. انقبض قلب زايد وتجمد مكانه للحظات ، لم يكن ليجرؤ أن يرسل لها تلك الرسالة لو لم يكونان على أتفاق مسبق ومنذ وقت أيضا !!

تضاربت أفكاره وأصبح كل شيء أمامه ضبابي ومشوش ، لم يكن يظن للحظة أنها خائنة !! ... ومع ألد أعدائه أيضاً..!
وربما هي أيضا من سرقت ملفات مشروعه سابقا !! ... وضع زايد رأسه المشتت بين يديه في حالة من الصدمة والشك في كل لحظة مضت معها ..!

                            **************

أغلق " فادي" هاتفه بعدما ارسل لفرحة الرسالة المنتظرة بعنوان الطبيب ، وخرج من غرفته ، حتى اصطدم بها وهي تقطع بعض الفاكهة في طبق كبير بالمطبخ ، فقال هامسا بابتسامة :
_ ده انا لسه  متصل بيكي وباعتلك رسالة حالاً.. حاسس إننا بنعمل جريمة !

وكتم ضحكته ، فسألته فرحة وقاات بلهفة :
_ أنت كلمته وقولتله يعني أني هجيله ؟!

أكد فادي قائلا :
_ وحجزتلك كمان وفهمته سبب الزيارة ، أنا مبسوط أوي من اللي أنتي بتعمليه مع زايد يا فرحة .. لازم تفهمي حالته من الدكتور عشان تعرفي تتعاملي معاه كويس أوي وتفهمي كل تصرفاته ، زايد بيعمل الشيء وعكسه في نفس اللحظة ... عشان كده محدش بيفهمه بسهولة...

قالت فرحة بتحذير :
_ طيب كده تمام ، دورك بقا أنتهى لحد كده يا فادي ، مش عايزة والدتك تلاحظ إني بكلمك كتير وتبدأ تخمن وتفكر وتراقبنا ..

قال فادي بتقطيبة صبيانية :
_ يعني مش هاجي معاكي بكرة للدكتور ؟! ... وعدتيني وخليتي بيا !!

كتمت فرحة ضحكتها وتذكرت شقيقها حسام وطريقته المشابهة في العتاب، ثم قالت بلطف:
_ لأ مش كده ، بس عايزة اروحله واتكلم معاه وده هيبقى كتير الفترة الجاية ... وأنت وراك مذاكرة ودراسة وچيم ونادي وحاجات كتير كده ...

وضحك فادي بمرح حتى تفاجأ بفرحة التي اتسعت عيناها فجأة ، وسألها بقلق :
_ في إيه مالك ؟!

قالت فرحة بفزع :
_ أنت قولت أنك اتصلت بيا وبعتلي رسالة ؟! ... التليفون ! ...

سألها فادي بقلق شديد :
_ ماله ؟!

اشارت فرحة نحو الدرج وقالت :
_ زايد صحي والتليفون بتاعي جانبه ..!!

شحب وجه فادي وقال :
_ انا كنت فاكر أنه لسه نايم !! ...

ركضت فرحة على الدرج وحينما وصلت دخلت الغرفة مسرعة لتجد زايد يتفحص أحد الجرائد في هدوء تام وجالسا على مقعد بالشرفة ، ولا يبدو عليه أي أنزعاج !! ... فتجولت عينيها بكل مكان بالغرفة ولم يوجد لهاتفها أثرا !! ..  فأقتربت منه وهي تدقق فيه النظر وتستشف حالته المزاجية ، حتى دحض زايد ظنونها وابتسم لها ابتسامة طبيعية .. فقالت بارتباك :
_ كنت خايفة تكون رجعت للنوم ..

أجاب بمزاح :
_ لا مش للدرجادي .. أنا بقيت كويس أطمني ..

ابتسمت فرحة وهي تتنفس الصعداء ثم استعادت هدوئها بعض الشيء وقالت وهي تنهض :
_ فين تليفوني أتصل بحسام أخويا وحشني ..

لم يجيبها مباشرة وراقبها بنظرة قاسية من بعيد ، حتى وقفت فرحة قلقة وهي تبحث عن هاتفها ، فنهض زايد من مكانه، وأسرعت إليه كي يستند عليها خوفا من السقوط ، وصدمت عندما أزاح يدها بعصبية واستطاع الوقوف رغم اضطراب عصب فكيه للحظات.. فنظرت له فرحة بدهشة من موقفه المفاجئ منها ، حتى رسم ابتسامة ثعبانية على شفتيه وجذبها اليه واحكم قبضتا يديه على كتفيها قائلًا بابتسامة تخفي غضب شديد :
_ أنا مش محتاج حد يسندني .. أنا مابقعش ، ولو وحصل ووقعت صدقيني ... مش هتقدري تتحملي العواقب.

قالت وهي تنظر له ولأول مرة لم تضطرب وتقلق وذراعيه تقبضان عليها :
_ في حد قالي مرة أنك صعب تتفهم ، بتعمل الشيء وعكسه في نفس الوقت ... وكان عنده حق !.

وقد تذكرت ما قاله فادي منذ قليل وتأكدت من ذلك ، وأضافت وكأنها تعاتب الغضب المجهول بعينيه وبصوته :
_ انت مكنتش كده من دقايق .. حصلك إيه؟ !!.

قال بسخرية وهو يخمن من أخبرها بذلك :
_ مين يا ترى اللي قالك ؟! ... بتتكلمي عني مع مين وبتقولي إيه ؟!

سكتت للحظات وهي مذهولة من عصبيته المفاجئة ، حتى عاد مبتسما بهدوء وقال وكأنه يمازحها :

_ أنتي محدش يعرف يهزر معاكي أبدًا ؟! ... وبعدين هو العشا اتأخر كده ليه مش كنتي نازلة تجبيه ؟!

ضربته على صدره بخفة وهي تبتسم وقالت :
_ نسيته ، هنزل حالًا زمانه على وصول ..

واستدارت لتسعد للخروج حتى سمعت نقر على باب الغرفة، فذهبت لتفتح الباب حتى وجدت الخادمات وهي تحمل هاتفها وتقول :
_ لقيت التليفون ده في الطرقة قدام باب أوضتكم يا ست فرحة ..

نظرت فرحة للهاتف بدهشة ولم تتذكر إنها أخذته معها في أي مكان !! .. ولكن ربما حدث وغفلت ، المريح فالأمر أنه لم يقع بيد زايد ، فأخذته فرحة وشكرت الخادمة ، فأجابتها الخادمة بلطف والتي رمقت زايد بنظرة خاطفة مؤكدة على ما أمرها به منذ دقائق ... فضيّق زايد عينيه من بعيد كأنه راضٍ عن تنفيذها لأمره .... وخرجت فرحة وأغلقت الباب خلفها ، ليعود ذلك الغضب العنيف لملامح وجهه .. والذي أمتزج مع حزن وخذلان يتقاتلان بعينيه وقلبه .. مجرد الظن بأنها تآمرت عليه وخدعته يجعله يختنق حتى الموت ! .. مهلًا .. إن غدًا لناظره قريب !!

                                  
                                *********

اقتحمت منزلي وحياتي وعزلتي .. ثم قلبي !
ولكن كيف اقتحمت قلبي بذلك العنف والدفء معاً؟!
بتلك البساطة !! .. وكيف لأحتلالها أن يصبح هو ذاته صك حرية ؟! ووجودها أمنية ؟! .. ورؤيتها حياة ؟!
كيف وأنا على الشاطئ .. أحتاج لقارب نجاة ؟!

دوّن تلك الكلمات في دفتر مذكرات صغير ووقف أمام نافذة غرفته شاردًا مبتسما لسكون الليل ، وللهواء والنسمات ، لكل شيء .. أن يعشق رجل أمرأة رغما عن أنف كبريائه وعزلته لشيء عجيب ! ..

وأتت شمس النهار على مهل ، وتقلّب الطقس فجأة ، وظهرت غيوم ليس بموعدها الموسمي ، تنذر بطقس سيئ .. وكان قد تمدد "أكرم" بفراش غرفته منذ ساعات قليلة ، بعد عواصف أفكاره العالية والبعيدة .. المنسوجة كخيط العنكبوت .. حتى فتح عينيه على دق المطر على زجاج نافذته المفتوحة .. وتيار الهواء الشديد ! ... فنظر للسماء من النافذة بتعجب وقال :
_ بتمطر !!

وكان دائمًا يشعر بشيء مجهول عندما يرى المطر في غير موسمه !! .. ونهض سريعا ليغلق النافذة، حتى تذكر الفتيات ومعهن جيهان ، وأن ربما الأغطية غير كافية ، فأخرج من خزانته بعض الأغطية الثقيلة وحملهم وخرج من غرفته متجها لغرفة الصغيرات ...
وعندما دق على باب غرفتهن فتحت له رضا وهي تفرك عينيها بكسل وقالت :
_ كويس احنا فعلا كنا محتاجين غطا ...

وأخذت منه الأغطية وسألها وعينيه تبحث عن الضيفة الحسناء :
_ هي ... جيهان فين ؟

حملقت رضا فيه لبعض الوقت عندما نطق الاسم بحميمية هكذا وأجابت بارتباك :
_ مش عارفة ، صحيت مالقيتهاش !

اضطرب قلبه وظن أنها لربما رحلت ! ... لما يقف أمام الصغيرة لمدة دقيقة أخرى وذهب ليبحث عنها ، وظل يهتف بأسمها داخل القصر ولكن ما من مُجيب !! ... أطبق أكرم شفتيه بغضب واسرع هبوطا على الدرج وخرج من القصر ليستقل سيارته بحثا عنها .. بالتأكيد لا زالت بالطريق ، ولكنه توقف فجأة عندما رآها تنحني وتقطف أوراق " النعناع " الطازجة من سلال مخصصة للزراعة ، وتدندن مقطوعة غنائية لفيروز وهي تجمع أوراق النعناع تحت حبات المطر .. وابتسم بسعادة لرؤيتها ، بعدما كان الطقس ممطرا وكئيبا أصبح مبتسما لامعا بدفء المطر في الخلفية ...

واستقامت جيهان وهي تبتسم بزهو لباقة الزهور وأوراق النعناع العطرية التي جمعتها حتى وقعت عينيها للمستندا بظهره على سيارته ويراقبها باستمتاع وابتسامة دافئة ... وتطايرت فراشات قلبها لهذه اللحظة بينهما .. أشد لحظاتها حياة !
بعمرها الماض كله لم يجعلها رجل ترتبك هكذا ! ... وتخاف وتطمئن بنفس اللحظة !
منتهى الثبات .. ومنتهى الجنون !

اصطبغت وجنتيها بحمرة وردية رغم المطر وبرودة الهواء وتابعت ما تفعله لتخفي ابتسامتها ، أو بالأدق .. سعادتها عن رادار عينيه وأفكارها العارية دائمًا أمامه..

ولحظات حتى وجدته يشاركها جمع أوراق النعناع ، حتى استقام وقال ناظرًا لها بعمق :
_ مكنتش بحب المطر ... قبل النهاردة !

ابتسمت رغما عن عدم رغبتها في ذلك وقالت وهي تنظر لما بيديها :
_ رغم أنك رجل من جليد!

وضحكت على ما قالته ، رغم تعجبه منه ، فأوضحت مبتسمة برقة :
_ قرأت قصة زمان ، وكان البطل بمواصفاتك بالضبط ، وكانت البطلة بتقوله كده.

قالت ذلك وادركت ما قالته بعد لحظات ! ... وامتقع وجهها ، فاتسعت ابتسامة أكرم بمكر وكرر كلمتها :
_ البطلة ؟! ...وأنتي قلدتيها وقولتي زيها للبطل .. اللي هو أنا يعني !... ده كلامك !.

استدارت وقالت بجدية وهي تلعن غبائها سرا :
_ عادي يعني ... مقصدش !

_ أفتركتك مشيتي وبعدتي.

قال ذلك عندما استدارت وابتعدت خطوات، فتوقفت جيهان وابتسمت مرة أخرى برقة ثم قالت دون أن تنظر له :
_ كنت هتعمل إيه يعني  ؟ ... كان زمانك مرتاح مني.

استفزته بقصد ، وتقبّل المصيدة بقبولا حسن وقال بنفس ابتسامته بعدما تحرك ووقف أمامها مباشرةً :
_ أنا مبقتش ارتاح غير بيكي !

فغرت جيهان فاها من الصدمة وسقط ما بيدها ...!

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
#سيد_القصر_الجنوبي
#رحاب_إبراهيم_حسن

ابتسمتوا تاني برضه😑💔
الحلقة الجاية هتبقى دسمة عشان كل الأبطال هيبقوا موجودين وانتظروا مفاجأة صادمة لسمر وأمجد 🤌🙂


You are reading the story above: TeenFic.Net