جلست على سريري، ساقاي متقاطعتان وذراعاي تعانقان وسادة صغيرة بينما أحدق في الفراغ
عقلي كان مشوشا، لكن ليس بالقدر الذي كان عليه قبل لحظات ، لا مزيد من الذعر، لا مزيد من الدهشة الصادمة
لقد استوعبت الأمر بالفعل ، هذا ليس واقعي...هذا مجرد حلم طويل وغريب بشكل لا يصدق
تنفست ببطء ومررت يدي في شعري، محاولة ترتيب أفكاري
لم يكن هناك داع للقلق بعد الآن، إذا كان هذا حلما فسيكون من الأفضل أن أستمتع به بدلً من إهدار وقتي في محاولة فهمه
ابتسمت لنفسي بخفة
"أليس هذا ما يريده الجميع؟ فرصة للعودة إلى الماضي، ولو للحظات؟"
لقد قرأت العديد من القصص حول هذا، عن الأشخاص الذين يعودون بالزمن إلى الوراء، عن أولئك الذين يحصلون على فرصة ثانية
لم أكن أظن أنني سأكون واحدة منهم، لكن بما أنني هنا الآن... لمَ لا أستغل الفرصة؟
نظرت إلى الغرفة من حولي، التفاصيل التي شعرت أنها قديمة نوعا ما
كل شيء كان مألوفا، لكنه مختلف قليلا—شعرت بغرابة الأمر، لكنني لم أعد أشعر بالانفصال عنه كما شعرت في البداية
"حسنا، ييجي ،استيقظت في حلم... ما التالي؟"
إذا كنت سأعيش هنا حتى أستيقظ، فلا ضرر من أن أستمتع
سأتصرف كما يحلو لي، لن أقلق بشأن أي شيء، لن أقيد نفسي كثيرا بالمنطق
هذا حلم، والأحلام ليست بحاجة لأن تكون منطقية
نهضت من السرير أخيرا، يدي تمتدان بكسل وأنا أتثاءب
"لنر كيف سيكون يومي في هذا الحلم"
شعرتُ بحماس خفيف يتسلل إلي، وكأنني كنت على وشك دخول لعبة جديدة
ربما سيكون هذا ممتعا أكثر مما توقعت
7:15 AM :
وقفتُ أمام المرآة، أمشط شعري الرطب برفق بينما أتأمل انعكاسي
شعري بدا أكثر لمعانا، أكثر صحة… أو ربما هذا مجرد تأثير الحلم؟ رفعت حاجبي قليلا وأنا أراقب ملامحي
نفس الوجه، لكن بشرة أكثر نضارة، عينان أكثر تألقا، ربما لأنني عدت إلى الماضي؟
"ييجي نسخة 2012 ، ها؟"
تمتمت لنفسي قبل أن أضع المشط جانبا
تنفست بعمق، ثم استدرت لألتقط الزي المدرسي الذي كان معلقا على الكرسي
كان نظيفا ومرتبا بشكل جميل ، ارتديته ببطء، ولا زلت أشعر ببعض الغرابة
كيف يمكن لحلم أن يكون بهذه الدقة؟ ملمس القماش، طريقة الأزرار، حتى وزن الحقيبة على ظهري حين انتهيت من تجهيزها… كل شيء كان حقيقيا للغاية
خرجت من غرفتي بخطوات هادئة متجهة إلى الطابق السفلي
كان المنزل هادئا بشكل مريح، ورائحة طعام الإفطار تتسلل إلى أنفي، مما جعل معدتي تصدر صوتا احتجاجيا خافتا
لم أتناول شيئًا منذ أن استيقظت في هذا الحلم، لذا ربما علي الاستفادة من هذا الواقع الغريب قبل أن ينتهي
لكن عندما مررت بالمطبخ، توقفت فجأة
تجمدت تماما عند رؤية الشخصين الجالسين على الطاولة
"أمي…"
نطقت بصوت بالكاد خرج من حلقي، بينما وقعت عيناي على الرجل الجالس بجانبها، الرجل الذي لم يكن من المفترض أن يكون هنا
الرجل الذي كان من المفترض أن يكون ميت
شعرت بصدري يضيق، كما لو أن الهواء في الغرفة أصبح ثقيلا جدا على أنفاسي
والدي…؟ لا، هذا غير ممكن، لكن ها هو يجلس هناك يحتسي قهوته كما لو أن كل شيء طبيعي، وكما لو أنه لم يكن… قد رحل منذ سنوات
"ييجي؟ ما بالك واقفة هناك؟ تعالي لتناول الإفطار"
جاء صوت أمي، ناعما ودافئا كما هو دائما، لكنه لم يكن الشيء الذي كان يهمني الآن
ببطء، وكأنني أخشى أن يكون سرابا سيختفي إن اقتربت أكثر، خطوت داخل المطبخ، عيناي لا تزال معلقة على والدي
شعره كان أقصر مما كنت أتذكر، لكن نفس الابتسامة الخفيفة كانت على وجهه
وأخيرا رفع رأسه والتقت عينانا
"صباح الخير، ييجي"
صوته…
شعرت برعشة خفيفة تمر عبر جسدي
"أبي…"
نطقت بالكلمة قبل أن أتمكن من منع نفسي
"ماذا هناك؟ تبدين وكأنك رأيت شبحا"
قالها بضحكة صغيرة، غير مدرك أن هذا بالضبط ما كنت أشعر به
"أنا…"
ماذا يفترض أن أقول؟ أنني لم أره منذ أكثر من عشر سنوات؟ أنني اعتقدت أنني لن أسمع صوته مجددا؟ أنني رغم كل شيء، لم أستطع حتى البكاء الآن لأن عقلي لا يزال يحاول استيعاب ما يحدث؟
أمي ضحكت بهدوء، غير مدركة للعاصفة التي كانت تدور داخلي
"ييجي لا تزال نصف نائمة على ما يبدو"
"أوه، هل نمت متأخرا؟ لا تعودي لعاداتك السيئة، أليس كذلك؟"
أضاف أبي بابتسامة مرحة
أشعر وكأنني سأنهار
لكني أجبرت نفسي على التماسك، وأخذت نفسا عميقا قبل أن أتحرك ببطء نحو الطاولة
جلست على الكرسي المقابل لهما، وأمي بدأت تضع الطعام أمامي
لم أكن أستطيع حتى التركيز على ما كان أمامي، لا شيء كان يهم أكثر من الشخص الجالس أمامي الآن
"ييجي؟ لماذا تنظرين إلي هكذا؟"
سأل أبي رافعا حاجبه
"أنا فقط…"
ابتلعت ريقي
"اشتقت إليك"
توقف للحظة، وكأن كلماتي كانت غريبة عليه ثم ابتسم، تلك الابتسامة المريحة التي كنت أظن أنني لن أراها مجددا
"ماذا دهاك؟ كنت معك بالأمس أيضا"
قال وهو يمد يده ليمسح على رأسي برفق، كما كان يفعل عندما كنت صغيرة
شعرت بدموعي تتجمع، لكنني لم أسمح لها بالسقوط
"أعرف… أعرف ذلك"
كان قلبي ينبض بشدة في صدري، مشاعر متداخلة من السعادة، الصدمة، والحزن تغمرني كلها دفعة واحدة
أمام مقعدي، وضعت أمي طبقا مليئا بالأرز، البيض المقلي، وبعض الأطباق الجانبية المعتادة
"هيا، كلي قبل أن يبرد الطعام"
لكنني لم أستطع رفع عيدان الطعام
أبي يجلس أمامي
يبتسم
يتحدث
يتصرف وكأن كل شيء طبيعي
حاولت أن أتمالك نفسي، لكن الدموع سالت بصمت، دون أن أتمكن من إيقافها
"ييجي؟"
نادتني أمي بقلق، بينما كان والدي ينظر إلي بتعجب
مسحت دموعي بسرعة، وضحكت بخفة
"أنا فقط… الطعام لذيذ جدا، هذا كل شيء"
أمي ضحكت رغم أنها بدت غير مقتنعة
"أنت غريبة اليوم"
"هل حلمت بكابوس؟"
سأل أبي وهو يأخذ رشفة من قهوته
أومأت برأسي سريعا رغم أن هذا كان أبعد ما يكون عن الحقيقة
أخذت عيدان الطعام وبدأت بتناول اللقمة الأولى كان الطعم مألوفا… مألوفا جدا لدرجة أنه زاد من ثقل مشاعري
استمررت في الأكل بينما دموعي لم تتوقف، لكنني لم أبال
لم يتحدث والدي عن الأمر أكثر، وكأنهما قررا إعطائي مساحتي الخاصة
لم أرد أن أفسد هذا الصباح أكثر مما فعلت، لذا حاولت جاهدة أن أتصرف كما لو أن كل شيء طبيعي، كما لو أنني لم أعد بسنوات إلى الوراء، كما لو أنني لم أكن خائفة من الاستيقاظ فجأة وفقدان هذه اللحظة للأبد
بعد انتهائي من الطعام، وضعت عيدان الطعام على الطبق ونهضت
"أنا ذاهبة"
أمي التفتت إلي عابسة قليلا
"أنت لم تنه طعامك"
"أنا ممتلئة"
كذبت ، لم يكن بإمكاني البقاء هنا أكثر، لم يكن بإمكاني تحمل هذا أكثر
أبي ألقى نظرة علي، بدا وكأنه سيقول شيئا لكنه في النهاية ابتسم
"لا تتأخري بعد المدرسة"
حاولت حبس دموعي مجددا، واكتفيت بإيماءة صغيرة قبل أن أتجه نحو الباب
ارتديت حذائي، أمسكت بحقيبتي، وأخذت نفسا عميقا قبل أن أفتح الباب وأخرج
عندما أُغلق الباب خلفي، وقفت هناك للحظة، أتنفس الهواء البارد بينما مشاعري كانت تنهار بالكامل
رفعت رأسي للسماء، أغمضت عيني، وهمست بصوت بالكاد سمعته حتى بنفسي
"لا أريد الاستيقاظ من هذا الحلم"
ثم، خطوت إلى الأمام متجهة إلى الثانوية
8:10 AM :
حسنا… هذا متوقع
بمجرد أن دخلت الفصل، لاحظت الأمر فورا—لا أحد من زملائي المعتادين هنا
بدلا من ذلك، وجدت نفسي أمام مجموعة من الوجوه غير المألوفة تماما لكن الغريب في الأمر أنهم لم يبدوا متفاجئين برؤيتي
لا همس، لا نظرات فضولية، لا أحد يحدق بي كما لو كنت دخيلة، على العكس، تصرفوا وكأن وجودي بينهم أمر طبيعي تماما
وقفت للحظة عند الباب أتفحص المكان بنظرة عابرة، ثم رفعت حاجبي
يا لهذا الحلم المتقن…
"ييجي! تأخرت اليوم، ما بالك؟"
جاء الصوت الحماسي من فتاة ذات شعر بني قصير، كانت تجلس قرب النافذة وعيناها تلمعان بحيوية
نظرت إليها، ثم إلى الطاولة التي كانت تجلس عليها ، لا أذكر أنني رأيتها من قبل… على الأقل ليس في الواقع الذي كنت أعرفه
قبل أن أتمكن من الرد تلقيت ضربة خفيفة على كتفي من فتاة أخرى، كانت تضحك قائلة
"أراهن أنك سهرت تشاهدين الدراما مجددا، صحيح؟ لا تقلقي، المعلم لم يصل بعد"
أخذت نفسا عميقا وأنا أضع يدي على خاصرتي، قبل أن أبتسم بسخرية طفيفة
"أنا؟ أسهر بسبب دراما؟"
سألتهما بنبرة مشككة رافعة حاجبا
"بالطبع! لا تحاولي التظاهر بعكس ذلك، نعرفك جيدا"
ردت الفتاة الأولى وهي تلوح بيدها بلا مبالاة
"وهل أفعل ذلك دائما؟"
"هل تمزحين؟ لقد كنت تصرخين بالأمس عن كيف أن البطل الثاني لا يستحق أن يترك وحيدا!"
… ماذا؟
حسنا، هذا… غريب، لكن ليس كما لو كان بإمكاني الاعتراض
إنه حلم، صحيح؟ لا شيء يجب أن يكون منطقيا هنا
رسمت ابتسامة صغيرة وأنا أقرر المضي مع التيار
"هذا منطقي تماما، أنا دائما أُناصر الشخصيات المظلومة"
قهقهت الفتاة الأخرى، ثم أشارت إلى المقعد الذي بدا وكأنه مخصص لي
"هيا، اجلسي قبل أن يأتي المعلم، لا أريد أن أسمع محاضرة بسببك"
مشيت نحو الطاولة بلا تردد، وجلست عليها براحة كما لو كنت أجلس هنا منذ سنوات
حسنا… يبدو أنني في هذا العالم الجديدة لدي أصدقاء بالفعل
ألقيت نظرة سريعة على الصف، أحاول التقاط أي تفاصيل أخرى مختلفة لكن لا شيء بدا غريبًا—باستثناء أن لا أحد من زملائي المعتادين هنا
لم يكن هناك أي أثر لأصدقائي، لا للأشخاص الذين كنت أعرفهم في الواقع الحقيقي
لكنني لم أشعر بالارتباك
إذا كان هذا مجرد حلم، فلا داعي للقلق بشأن التفاصيل غير المهمة
كل ما علي فعله هو الاستمتاع بهذه التجربة حتى يحين وقت الاستيقاظ
10:05 AM:
أسندت رأسي على سطح المكتب، متجاهلة الضوضاء الخافتة في الفصل
صوت القلم وهو يخدش الورق، همسات الطلاب لبعضهم البعض وحتى صوت سقوط المسطرة من يد أحدهم—كلها أصبحت ضوضاء بيضاء بالنسبة لي
مرت عدة حصص منذ وصولي إلى هنا، ولم يحدث شيء مثير للاهتمام كما كنت أتوقع
هذا الحلم بدا واقعيا بشكل غريب، لكنه لم يكن ممتعا
لا سيوف سحرية، لا قوى خارقة، لا مغامرات… مجرد يوم دراسي ممل
من حين لآخر، كنت أرفع رأسي لأنظر حولي، الطلاب يتصرفون بطبيعية وكأنني كنت هنا منذ الأزل
لا أحد ينظر إلي بغرابة، لا أحد يسألني لماذا أبدو تائهة أو لماذا لا أشارك في الدرس
وكأن هذا هو عالمي الحقيقي، وكأنني أنتمي إلى هذا المكان
لكنني لم أنتمي
تنهدت وأغلقت عيني
لا بأس، سأستمتع بهذه التجربة الغريبة حتى تستيقظ روحي الحقيقية وأعود إلى حياتي الطبيعية
لكن أفكاري توقفت عندما سمعت صوت المعلم وهو يتحدث بجدية، متسائلا بصوت رتيب
"من الغائب اليوم؟"
"هوانغ هيونجين، استاذ"
فتحت عيني ببطء ورفعت رأسي قليلا، أحدق في المعلم وكأنني سمعت شيئا غريبا
هيونجين؟
لم يكن اسما مألوفا بالنسبة لي في البداية، لكنه أيقظ شيئا في ذاكرتي
في عام 2025، في مدرستي الأصلية، كان هناك شخص بهذا الاسم…
عندما حاولت استرجاع صورته، ظهرت في ذهني صورة غامضة لفتى طويل القامة، بشعر داكن وملامح حادة، يمتلك حضورا قويا يجذب انتباه الجميع بشكل غريب
الفتيات كن يتهامسن عنه باستمرار، المعلمون كانوا يتجاهلون تصرفاته الطائشة لأنه كان طالبا موهوبا، والطلاب إما كانوا يحاولون مصادقته أو تجنبه تماما
أظن أنني لم أتحدث معه يوما ، بالكاد كنت أعيره اهتماما لكن لا يمكنني إنكار أنه كان شخصا بارزا في الثانوية، شخصا لا يمكنك تجاهله حتى لو لم تكن تعرفه
هل يمكن أن يكون الشخص نفسه هنا؟
رسمت ابتسامة ساخرة على شفتي وأنا أسند خدي إلى يدي
هذا حلم، أليس كذلك؟ إذا، لن أفاجأ إن ظهر "هيونجين" آخر هنا أيضا
سيكون الأمر مضحكا إن كان بنفس الشخصية، متعجرفا، وقحا، ويحب أن يكون مركز الاهتمام
لكن في النهاية، ما الفرق؟ سواء كان هنا أم لا، فهذا ليس حقيقيا
أسندت رأسي على المكتب وعيناي تحدقان بلا تركيز في السطح الخشبي وأنا أقاوم الملل، أشعر وكأن الوقت يمر ببطء غير طبيعي
إذا كان هذا حلم، فهو أطول وأكثر تفصيلا مما ينبغي
أخيرا، طفح الكيل.....رفعت يدي قليلا وأنا أتنهد بملل
"أستاذ، هل يمكنني الذهاب إلى الحمام؟"
نظر إلي المعلم للحظة، ثم أومأ برأسه دون اهتمام
"لا تتأخري"
نهضت من مقعدي متوجهة نحو الباب بخطوات هادئة، فقط لأتلقى صدمة قوية قبل أن أتمكن حتى من لمسه
انفتح الباب بعنف، واصطدمت بشخص قادم من الخارج
لكنني لم أسقط
بل كان هو من تراجع خطوة إلى الخلف من قوة الاصطدام، بينما وقفت أنا بثبات، أحدق فيه بوجه فارغ
كان طويلا بشكل مزعج، شعره فوضوي، وأزرار قميصه المدرسي غير مغلقة بالكامل وكأنه لم يكلف نفسه عناء ترتيبها
عيونه نصف مفتوحة وكأنه لم يستيقظ تماما بعد، وبصراحة؟ بدا كمشكلة تمشي على قدمين
رفع حاجبه وهو يتفحصني ببطء، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية كسولة
"لم تسقطي؟"
كان صوته مليئا بالسخرية، وكأنه لم يكن يتوقع أن أبقى واقفة بعد تلك الضربة
تجاهلت نبرته المستفزة وقلت بلا اهتمام
"عذرا إن كنت خيبت توقعاتك"
ضحك بخفوت وهو يميل رأسه قليلا، ناظرا إلي وكأنه يقيم ردة فعلي
"غريب… عادة، الفتيات يقمن بتمثيل مشهد السقوط الدرامي، ربما حتى تتاح لي فرصة إنقاذهن؟"
حدقت فيه للحظة، ثم تنهدت بملل
"آه، آسفة، لم أكن أعلم أنني في اختبار أداء لمسلسل رومانسي من الدرجة الثانية"
رفع حاجبه وكأنه لم يكن يتوقع ردي، ثم ابتسم ابتسامة أوسع، وكأنه استمتع بذلك أكثر مما ينبغي
"إذا لم يكن هذا مسلسلا، فماذا يكون؟"
سأل، نبرته ساخرة
"بالنسبة لي؟ مجرد حلم سخيف"
قلت بلا مبالاة، ثم انحنيت قليلا للأمام لأتمكن من المرور من جانبه، لكنه تحرك في نفس اللحظة مما جعل المسافة بيننا تضيق فجأة
تجمدت للحظة، إذ لم يكن بيننا سوى بضع سنتيمترات وكاد وجهي يصطدم بصدره
نظراته لم تتغير، لا تزال تحمل ذلك المزيج من الكسل والسخرية، لكن الآن… كان هناك شيء آخر فيها
شيء جعلني أشعر وكأنني دخلتُ للتو في تحدٍ غير معلن
"حلم، هاه؟"
همس بصوت خافت، وكأنه يتذوق الكلمة
رفعت حاجبي بتحد
"أجل ، وأنت مجرد شخصية جانبية فيه"
ضحك، هذه المرة بصوت مسموع ثم مال للأمام قليلا، مما جعلني أرجع خطوة لا إرادية للخلف
"إن كنت تحلمين بي، فهذا يجعلك أنت الشخصية الجانبية، أليس كذلك؟"
ضيقت عيني، قبل أن أبتسم ابتسامة زائفة
"أوه، لا تقلق، إن كنت جزءا من هذا الحلم، فستكون فقط دورا كوميديا إضافيا، لا أكثر"
نظر إلي للحظة بصمت، ثم هز رأسه ببطء وكأنه يعترف بشيء لنفسه
"أعجبني ردك، أيتها… القطة"
توقفت عن التنفس للحظة
…ماذا؟!
القطة؟! هل أعطاني للتو لقبا غير منطقي من أول لقاء لنا؟!
شعرت بغريزة غريبة تدفعني للرد، لم أكن أريد أن أكون الطرف الذي يخسر في هذه المناوشة الكلامية الأولى
"آه، هذا رائع! لقد اصطدمت بفتى وسيم لكنه متعجرف، والآن يطلق علي ألقابا غبية، أشعر وكأنني بطلة في دراما مدرسية"
قلت بصوت مسموع، مما جعل بعض الطلاب داخل الفصل يضحكون
لكنه لم يبد منزعجا، بل ابتسم كما لو أنني زدت اهتمامه
"ممثلة موهوبة، لكنك تحتاجين لبعض التدريب"
"وأنت تحتاج لبعض التواضع، لكن يبدو أنه شيء مستحيل عليك"
مرة أخرى، تبادلنا النظرات، وكأن كلا منا يقيس الآخر، ثم أخيرا رفع يديه وكأنه يستسلم، وابتعد عن طريقي سامحا لي بالخروج
"سنرى، أيتها القطة"
ولكن قبل أن أتمكن من التحرك دوى صوت صارم في الفصل
"هيونجين! هذه هي الحصة الأولى لك هذا الأسبوع، وأنت تتأخر بهذا الشكل؟!"
أوه، رائع....لقد نسيت أننا ما زلنا في الفصل
استدرت ببطء لأراه يتنهد وهو يدير رأسه نحو المعلم، مظهرا أصدق تعبير للملل رأيته في حياتي
"أستاذ، لا تجعل الأمور درامية أكثر من اللازم، لقد تأخرت قليلًا فقط"
"قليلا؟! هل لديك أي فكرة عن عدد الحصص التي فوتها هذا الأسبوع؟!"
"أوه، لا بد أن هذا رقم مثير للإعجاب، هل يمكنني معرفته؟"
حدق المعلم فيه بحدة، فيما بدأت أبتسم لا إراديا،هذا الفتى يملك وقاحة لا بأس بها
"اجلس في مقعدك فورا، أو ستقضي وقت راحتك في تنظيف الفصل"
هيونجين رفع يديه باستسلام ثم نظر نحوي مجددا وكأن شيئا لم يحدث
"يبدو أنني سأضطر لتركك الآن، أيتها القطة"
قال بصوت منخفض قبل أن يمر بجانبي ويتجه إلى مكانه
توقفت لثانية ثم زفرت ببطء وأنا أغادر الفصل
12:15 PM :
You are reading the story above: TeenFic.Net