مرت السنوات، لكنها لم تمحُ مشاعر مارسيلا تجاه جيمين. الحياة استمرت، ولكنها كانت تسير وكأن شيئًا ما ناقص. كل خطوة خطتها كانت محفوفة بذكريات تلك الأيام، بتلك اللحظات التي كانت تجمعها مع جيمين. كان هو الشخص الذي أخذ قلبها منذ اللحظة الأولى، ومع كل لحظة تقضيها بدونه، كانت تشعر أن جزءًا من نفسها مفقود.
في هذه الفترة، توغلت مارسيلا في عالم الأعمال الذي لم يكن فيه مكان للضعف أو للحساسية. تعلمت كيف تضع مشاعرها جانبًا وكيف تبني نفسها من جديد. كانت تعمل بلا توقف، وكل يوم كان يشبه الآخر، بينما كان قلبها يتسائل في كل لحظة "هل هو بخير؟ هل يشعر بما أشعر به؟". ورغم هذه الأسئلة، حاولت أن تبتعد عن الماضي.
ومع مرور الوقت، تطور الوضع في حياتها الشخصية. دخل رجل آخر حياتها، أليكس. كان شخصًا هادئًا، ناضجًا، وكان يمنحها شعورًا بالأمان. ومعه بدأت مارسيلا تحس بأنها على الطريق الصحيح، رغم أن قلبها لم ينسَ جيمين أبدًا. كان أليكس شخصًا رائعًا، لكن شيئًا في داخلها كان يفتقده. كان كالعلاج الذي لا يعالج الجرح تمامًا، وكالعلاج الذي يبقى رغم محاولاتها للابتعاد عن الألم الذي تركه جيمين.
وبعد كل هذه السنوات، جاء اليوم الذي اضطرّت فيه للمشاركة في حفل كبير بحضور العديد من رجال الأعمال. كانت مارسيلا قد حصلت على دعوة خاصة لهذا الحدث، ووجدت نفسها مجبرة على حضور الحفل، رغم كل ما كان في قلبها. وفي تلك الأمسية، لم تكن تعرف أن مصيرها سيتغير مجددًا، وأن لقائها بجيمين سيعيد إليها كل المشاعر التي حاولت دفنها.
بينما كانت تتحرك بين الحضور، لمحت جيمين من بعيد. كان هناك، كما كان دائمًا، بأناقته الطاغية، وبشخصيته التي لا يمكن مقاومتها. إلا أن هذه المرة كان شيئًا مختلفًا. لم يكن وحيدًا. كانت هناك امرأة شابة ترافقه، وكانت تضحك على مزاحه، تتقرب منه بثقة وكأنها تستعرض أمامه. مارسيلا، التي ظنت أنها قد نجحت في نسيانه، شعر قلبها يتوقف للحظة. لم يكن الشعور هو الغضب بقدر ما كان الألم. شعرت وكأن قلبها قد تمزق إلى قطع صغيرة. هذه المرأة، سيلينا، كانت موجودة هنا، أمامها، تتواجد في المكان الذي كان من المفترض أن يكون فيه مكانها هي.
كانت تتمنى أن تعود الأيام للوراء، وأن تبقى بعيدة عن هذا الموقف المحرج، لكن الأقدار كانت قد حسمت. تقدمت مارسيلا بخطوات ثابتة نحوهم، رغم أن قلبها كان يخفق بشدة. توقفت أمام جيمين، وكان يدرك أن شيئًا ما قد تغير في عينيها. تلك النظرة، كانت تحمل مزيجًا من الحزن والغيرة، وكان يعلم أن ما ستقوله لن يكون بسيطًا.
"جيمين... لم أكن أعلم أنك ستأتي إلى هنا برفقة سيلينا. أتذكر تمامًا أنك قلت لي أن هذه الليلة ستكون للعمل فقط. هل كان ذلك يعني أيضًا الترفيه؟"
نظر جيمين إليها بابتسامة غامضة، وهو يراقب كل حركة فيها. "مارسيلا، ليس من عادةً أن تكوني بهذه الحدة، أليس كذلك؟" كانت ابتسامته هذه مليئة بالغموض، وكأنها تثير في قلبها مشاعر متضاربة.
"أنت تعرفني جيدًا. لا أحب أن أرى أي شخص يقترب منك بهذه الطريقة." قالت مارسيلا وهي تلمح إلى سيلينا، التي كانت ما زالت تقف إلى جانب جيمين وتبتسم بحذر.
فجأة، تدخلت سيلينا ضاحكةً وقالت: "هل أنتِ غيورة؟ لأنني هنا فقط لأكون مع جيمين."
توقف الوقت في تلك اللحظة، وكأن جميع الأصوات في الغرفة قد اختفت. كان الألم في قلب مارسيلا يتفاقم، لكنها كانت تُجبر نفسها على إخفاءه. نظرت إلى سيلينا، وقالت بصوت منخفض مليء بالثبات: "أنتِ لا تفهمين شيئًا. جيمين لا يحتاج إلى أحد ليملأ فراغه، خاصةً امرأة لا تعرف كيف تحترم حدود الآخرين."
لحظة صمت ثقيلة. شعر الجميع بالتوتر، وكان جيمين يراقب هذا الموقف وهو يحاول أن يخفي تعبيراته، لكنه كان يشعر بشيء مختلف. شيء كان يشتعل بداخله بسبب مشاعر مارسيلا، تلك المشاعر التي طالما حاول إخفاءها.
بعد أن غادرت سيلينا، وقف جيمين أمام مارسيلا، قائلًا بصوت منخفض: "هل كنتِ تغارين حقًا؟"
أجابت مارسيلا بعناد، "نعم، تغار. إذا كنت تظن أنني سأترك أحدًا يقترب منك بسهولة، فأنت مخطئ."
اقترب جيمين منها، حتى شعرت بأنفاسه تلامس وجهها. كانت نظراته مليئة بالتحدي، بينما كانت عيون مارسيلا مشتعلة بالحزن والغيرة. قال جيمين في همس: "أعجبني ما رأيت، مارسيلا. أنتِ لا تستسلمين أبدًا، أليس كذلك؟"
ابتسمت مارسيلا بابتسامة سريعة مليئة بالغضب والقرار. "لن أسمح لأحد أن يأخذ مكانك. لن أتركك."
كانت كل كلمة منها تتناثر بينهما كالشظايا، تُعلن عن تملكه، وتُظهر مشاعرها بكل وضوح. ولكن قلب جيمين كان يزداد تعقيدًا؛ كان يعلم أن الأمور بينهما لا تزال معقدة. لا شيء يمكن أن يعود كما كان، ولكنها كانت تذكره بكل شيء كان يشعر به عندما كانا معًا.
"أنا لست هدفًا سهلًا، مارسيلا." قال جيمين وهو يقترب منها أكثر، حتى أصبحت أنفاسهما متشابكة.
كان اللقاء بينهما مليئًا بالذكريات والتحدي، وفي تلك اللحظة، شعر كل منهما بأن ما بينهما لم ينتهِ بعد.
مرت عدة أيام على الحفل الذي جمعت فيه مارسيلا وجيمين. حياتها بدأت تعود إلى طبيعتها، لكنها لم تستطع نسيان ذلك اللقاء، كما أن الصورة التي جمعتهما كانت دائمًا تلوح في أفق قلبها. صحيح أنها كانت قد قررت المضي قدمًا في حياتها مع أليكس، ولكن لقاء جيمين أعاد لها مشاعر لم تكن لتتوقع أن تظهر مجددًا. كان هذا الشعور بالغموض، والتحدي، والاشتياق.
اليوم، كان لقاء غير متوقع، كان الأمر بداية لشيء لم تكن مستعدة له. في أحد مقاهي المدينة، حيث جرت الأمور بشكل طبيعي، وكانت مارسيلا تجلس مع أليكس، على الرغم من أنها كانت تشعر بشيء من التوتر. أليكس كان قد أخذ إجازة من عمله، وقرر أن يعزمها لتناول الغداء معًا، في محاولة لإبعاد تفكيرها عن تلك الأيام المليئة بالضغوط. وبينما هما يجلسان، يتبادلان الحديث المريح والابتسامات الهادئة، جاء القدر ليقلب الموازين.
دخل جيمين إلى المقهى مع بعض أصدقائه من رجال الأعمال، وكان لا يبدو أنه لاحظ مارسيلا في البداية. لكن حينما نظر إلى الطاولة، تلاقت عيناه بعينيها، وارتسمت على وجهه ابتسامة مشوشة، وكأن قلبه قد شعر بشيء غريب في تلك اللحظة. كانت مارسيلا تجلس مع أليكس، وشعر جيمين بشيء من الحنق. كان أليكس يبدو مرتاحًا بجانب مارسيلا، يتحدث معها بود وحب، وكأن لا شيء قد تغير بينهما. لكن بالنسبة لجيمين، كانت تلك اللحظة أكثر من مجرد لقاء عابر.
اقترب جيمين منهم بحذر، وعينيه تحملان مزيجًا من الغضب والدهشة. أوقفه أليكس بابتسامة كبيرة، التي لم تخفِ قلقه، وقال بهدوء: "مرحبًا، جيمين. لم أتوقع أن أراك هنا. كيف حالك؟"
نظر جيمين إلى أليكس بنظرة حادة، ثم تحول نظره إلى مارسيلا، التي بدت متوترة قليلاً. كانت تحاول أن تخفي ارتباكها، لكن قلبها كان ينبض بسرعة. كانت تلك اللحظة مختلفة، كان هناك شيء غير مريح في الأجواء.
"مرحبًا، أليكس. لم أتوقع أن أراكما هنا أيضًا." رد جيمين، وهو ينظر مباشرة إلى أليكس قبل أن يلتفت نحو مارسيلا. كانت الكلمة الأخيرة قد خرجت على لسانه بشكل جاف، يراقب تصرفاتها وحركاتها.
مارسيلا شعرت أن قلبها بدأ ينقبض، وكانت تعلم أن جيمين يشعر بشيء ما. كان لديه تلك النظرة التي تظهر أنه لا يريد أن يراها مع رجل آخر، رغم كل شيء. كان هناك شيء في نظرته أعمق من مجرد الخوف. كانت غيرة جيمين غير مكتملة، مزيج من الغضب والاهتمام.
تحدث أليكس، محاولًا تخفيف التوتر الذي كان يعم المكان، قائلاً: "هل ترغب في الانضمام إلينا؟ الجو هنا رائع اليوم."
ابتسم جيمين بتوتر، وقال: "لا أعتقد أنني أريد البقاء لفترة طويلة. لدي بعض الأمور التي يجب أن أعتني بها."
لكن قبل أن يبتعد، لاحظ أليكس كيف كانت مارسيلا تنظر إلى جيمين، وعينيها تحملان شيئًا من الصمت والتساؤل. ابتسم أليكس، ولكن في أعماقه كان يعرف أن شيئًا غير واضح يلوح في الأفق. عندما نظر إلى مارسيلا، وجدها وكأنها قد تاهت في أفكارها.
في تلك اللحظة، قرر أليكس أن يغير الأجواء. نظر إلى مارسيلا وقال بلطف: "لنعد إلى الحديث، إذًا. لدينا الكثير لنناقش."
وعندما نظرت مارسيلا إلى أليكس، كان هو يبتسم بلطف، ليطمئنها، لكن قلبها كان منشغلًا بأفكار أخرى.
بينما كان جيمين يستعد للمغادرة، لم يستطع تجاهل شعور غريب يراوده. كان قلبه يغلي من الغيرة، وداخل ذهنه كان يشعر بشيء يطرده بعيدًا. كان يتمنى لو كان بمقدوره العودة إلى تلك الأيام، حيث كانت مارسيلا ملكه، وحيث كانت قلبه الوحيد.
مرت اللحظات بسرعة، ومرت الأيام في غياب جيمين، لكن كانت تلك اللحظة واحدة من اللحظات التي كان قلبه يعيد تكرارها. كان يقاوم مشاعر الغيرة التي تتراكم في قلبه، لكنه لم يستطع إلا أن يعترف لنفسه بأن ما يشعر به لم ينتهِ.
وفي تلك اللحظة، قررت مارسيلا، رغم الصراع الداخلي، أن تعيش لحظتها. لقد كانت تواصل حياتها مع أليكس، الذي كان شخصًا جيدًا بالنسبة لها، لكنها لم تستطع إيقاف قلبها عن التفكير في جيمين. كان شخصًا غيّر حياتها بشكل غير متوقع، وأعاد إشعال شعورًا قد ظنّت أنه قد اختفى.
وفي ذلك المقهى، جلس الجميع في صمت، لكن كانت هناك أمور عميقة تتراكم في صدورهم.
جيمين وأليكس تعرفا في سياق غير متوقع. أليكس كان أحد رجال الأعمال المعروفين في عالم المال والاستثمار، وقد دخل في شراكة مع بعض الشركات التي كانت تعمل مع شبكة المافيا التي كان جيمين جزءًا منها. في البداية، كان اللقاء بينهما مجرد تعاملات تجارية، حيث تبادل الطرفان المصالح والصفقات، لكن الأمور تطورت بطريقة غير متوقعة عندما اكتشف جيمين أن أليكس ليس فقط مجرد شريك تجاري، بل أيضًا كان له تأثير قوي في بعض الدوائر الاجتماعية التي كانت تهم جيمين في حياته الخاصة.
أليكس كان يتمتع بذكاء حاد وسحر شخصي، مما جعله يتقرب إلى العديد من الشخصيات الهامة، بما في ذلك مارسيلا، التي كانت في البداية مجرد صديقة، ولكن مع مرور الوقت أصبح أليكس يطور علاقة عاطفية معها، رغم أنه كان يعلم أن جيمين يرتبط بها سابقًا.
في إحدى المناسبات، اجتمع جيمين وأليكس في حفل عمل كبير حيث كان يجمع رجال الأعمال من مختلف المجالات. في هذا اللقاء، بدأ جيمين يشعر بأن أليكس يحمل نوايا أخرى غير نواياه التجارية، خاصةً عندما لاحظ أنه كان يتعامل مع مارسيلا بطريقة ودودة أكثر من المعتاد، مما أثار لديه مشاعر الغيرة والشك.
بالرغم من علاقة أليكس الوثيقة مع مارسيلا، إلا أن جيمين كان يعرف أنه لا يمكنه الابتعاد عن هذه العلاقة بسهولة، حيث كانت مشاعر الماضي لم تزل حاضرة بينهما. العلاقة بين جيمين وأليكس كانت تشوبها الكثير من التوترات، ولم يكن جيمين قادرًا على تقبل فكرة أن يكون شخص آخر قريبًا من مارسيلا بعد كل ما حدث بينهما.
You are reading the story above: TeenFic.Net