الفصل التاسع: جرح القلب

Background color
Font
Font size
Line height

مع بداية العملية، كان التوتر يسري في قلوب الجميع، ولكن جيمين تقدم المجموعة بثقة صامدة، عينيه تتقدان بالعزيمة. كانت الخطة أن تتم الهجوم بهدوء وسرعة دون منح العدو أي فرصة للرد. لكنهم لم يكونوا يعلمون أن هناك كمينًا ينتظرهم.

فجأة، انطلق وابل من الرصاص من الجهات كلها. تحول الهدوء إلى فوضى عارمة، وأصبح الجو مملوءًا بأصوات الانفجارات والطلقات النارية. في وسط تلك الفوضى، رأى جيمين فرصة لضرب العدو بقوة، فانطلق دون تردد ليقود الهجوم.

ولكن في لحظة مفاجئة، اخترقت رصاصة حادة جسده واستقرت في كتفه. ارتسمت على وجهه نظرة دهشة ممزوجة بالألم، شعر بحرقة تتصاعد في جسده، ورغم محاولته الثبات، بدأت رؤيته تتشوش، وركبتاه تخذلانه ببطء حتى سقط على الأرض.

رأت مارسيلا كل شيء، شاهدت الرصاصة تخترق كتفه كأنها تخترق قلبها. تجمدت لوهلة، لكن حبها وخوفها عليه كانا أقوى من أي شيء، فتحركت دون تفكير، تركض نحوه تحت وابل الرصاص كأنها تعبر العالم كله فقط للوصول إليه. صرخت باسمه بصوتٍ يرتجف، عينيها اللامعتين بالدموع مليئتين بالخوف، وكأن صوته كان الوسيلة الوحيدة لتبديد الظلام الذي شعرت به.

وصلت إليه، نظرت إلى وجهه الشاحب بصدمة وكأنها كانت ترفض تصديق ما ترى. احتضنت وجهه بيديها المرتجفتين وقالت بصوت محموم: "جيمين... لا تتركني، أرجوك."

جيمين، رغم ألمه الشديد، نظر إليها بعينيه المرهقتين وابتسم ابتسامة خافتة، يحاول بث القوة فيها قائلاً بصوت متهدج: "مارسيلا... عليك الابتعاد، هذا المكان خطر... لن أسمح أن تُصابي بسببي."

لكن نظرة مارسيلا كانت صارمة، تملؤها قوة غير متوقعة رغم أنفاسها المتسارعة. قالت بصوت يتخلله الخوف والغضب: "لا أستطيع الابتعاد، جيمين... أنت جزء من حياتي، وأنا لن أسمح لأحد بأن يأخذك مني."

وسط ذلك المشهد، وصل جونغكوك وتايهيونغ، محاولين إنقاذ الموقف. استطاعوا خلق ممر آمن لإخراج جيمين ومارسيلا بعيدًا عن مكان المعركة، وسرعان ما وصلوا إلى مقرهم حيث كان الأعضاء الآخرون ينتظرون بقلق.

في غرفة العلاج، كان الطبيب يحاول إيقاف النزيف، وجيمين مستلقٍ بصعوبة، أنفاسه متقطعة، لكن عينيه لا تزالا تتطلعان نحو مارسيلا، التي لم تترك يده لحظة واحدة. كانت تجلس بجانبه، تمسك يده بقوة، كأنها تحاول منحه بعض قوتها، عينيها تراقبان وجهه المرهق بترقب وقلق.

جيمين، رغم آلامه، كان يحاول طمأنتها. قال بصوت خافت يتخلله الضعف: "لا تبكي، مارسيلا. أنا بخير... إنه مجرد جرح."

لكن مارسيلا لم تستطع كبح مشاعرها، دموعها تتساقط بصمت وكأنها تخرج معها كل خوفها وقلقها عليه. وضعت يدها بلطف على وجنته وقالت بصوت مرتجف: "لم أكن أعرف أنني قد أخاف عليك بهذا الشكل... ظننت أنني قادرة على تحمل هذا، لكن... فكرة فقدانك... كانت كابوساً لا أستطيع تحمله."

ابتسم جيمين بصعوبة، وشد على يدها قائلاً بصوت يملؤه العاطفة: "لن أخذلك، مارسيلا. أنتِ السبب الذي يجعلني أتمسك بالحياة رغم كل الصعاب."

في تلك اللحظات، أدرك كلاهما أن ما يربطهما أصبح أعمق من أي وقت مضى، فكانت مشاعر الحب والخوف والامتنان تتدفق بينهما، كأنهما تعاهدا على البقاء معاً مهما كانت التضحيات.

وبينما كانت مارسيلا تجلس بجانبه، قررت في نفسها أنها لن تسمح لأحد أن يأخذ جيمين منها، وأصبح هدفها الآن ليس فقط حمايته، بل أن تكون معه في كل خطوة، متحدية كل المخاطر التي قد تأتي.

بعد أن هدأت الأجواء قليلاً واستقر جيمين على سريره للعلاج، كانت مارسيلا لا تزال بجانبه، تراقبه بعينين مليئتين بالعاطفة، وتتنفس بصعوبة بعد كل ما مرت به من قلق وخوف. كان الألم لا يزال يعتصر قلبها وهي تتذكر لحظة سقوطه أمام عينيها. بدا لها وكأن الزمن توقف في تلك اللحظة، وحاولت حينها بكل ما تملك أن تبقيه معها.

ابتسم لها جيمين ابتسامة متعبة، وقد أرهقته ساعات العلاج الطويلة. "مارسيلا، يمكنكِ أن تستريحي الآن. لقد مررتِ بليلة طويلة." كانت كلماته هادئة، لكن نظرة عينيه كانت تبوح بكل ما يحمله من حب وتقدير لوجودها بجانبه.

لكن مارسيلا لم تكن تنوي تركه، كان قلبها يرفض الابتعاد ولو لبضع لحظات. اقتربت منه وجلست على حافة السرير، ثم نظرت إليه قائلة بصوتٍ خافت: "لن أذهب لأي مكان، جيمين. أنت بحاجة إلى من يكون معك الآن."

نظر إليها بصمت، ثم مد يده وأمسك بيدها، يشعر بدفء راحتيها الذي منحه إحساساً بالطمأنينة. لم يكن بحاجة إلى قول شيء، فقد كان حضورهما معاً كافياً لملء كل تلك المسافات الفارغة بينهما.

مع مرور الوقت، شعرت مارسيلا بالإرهاق يسيطر عليها، ولكن قلبها كان مطمئناً لأن جيمين بقربها. أغمضت عينيها، ولم تستطع مقاومة النعاس الذي بدأ يجذبها بهدوء. بدت وكأنها تستسلم لتعبها وتمد رأسها برفق على كتف جيمين، تتنفس ببطء وتغرق في عالم من الراحة والسكينة.

في تلك اللحظة، شعر جيمين بملمس شعرها الناعم على كتفه، وتنفس بعمق، وقد شعر بنوع من الدفء يملأ قلبه. كانت مارسيلا، بقربها، تمنحه شيئاً لم يشعر به منذ وقت طويل: الأمان والراحة. حرك يده برفق، وضعها حول كتفيها بحنان ليبقيها قريبة منه، وكأنها جزء من روحه.

نظر إليها بعينيه المرهقتين، يراها تغفو بهدوء وسكينة، ورسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة. همس بصوت خافت: "مارسيلا، لا أعرف كيف تمكنتِ من الدخول إلى قلبي بهذا الشكل، لكنني سعيد أنك هنا."

نامت مارسيلا في حضنه، بينما قلبها ينبض بهدوء بالقرب منه، وكأنهما كانا يعيشان لحظة من السعادة الخالصة التي لا يشوبها شيء


You are reading the story above: TeenFic.Net

#bts #jm