#الفصل_العاشرج٢
ولحظات وكانت بالفعل تركض بينهم وتحاول أن تنجح في حماية الكرة، بل تعالت ضحكاتها عندما نجحت في سرقة الكرة من احد الصغار ، حتى تعثرت وسقطت على أكرم الذي كان يركض بجانبها، وسقطا على الأرض وهي تعتليه ...!
ويبدو من نظرته الضيقة لعينيها أن تلك المباراة لم تكن لمجرد المرح لبعض الوقت ...!
هكذا توقعت من النظرة الضيقة الذي حدجها بها وهي قريبةً منه بدرجة خطرة، نظرة تفصح عن شكه بها دون حديث ومناقشات، وانتفضت مبتعدة عنه وكانت ملاحظة لم يغفل عنها ولم تمر مرور الكرام أمام عينيه الثاقبتان والمدققتان لكل شيء يحدث حوله.
وتأوهت جيهان من ألم قدمها، ويبدو أنها تعرضت للإصابة في كاحلها إثر السقوط، فمسدت قدمها وهي تتألم وخرج صوتها طبيعيًا ناعما دون تصنع، وهذا أيضا لم يمر دون ملاحظةً منه، ولكنها فؤجئت عندما جذب قدمها المصابة ناحيته وبدأ يفحصها، فشهقت جيهان وفغرت فاها من الصدمة، ثم نزعت قدمها من يديه وهذا جعلها تتألم أكثر وهي تتحدث بغلظة :
_ بتعمل إيه ..؟!!!
نظر لها بثبات ثم اجاب وعينيه تحاوطها بالغموض :
_ بشوف إصابتك .. قوم وأمشي عليها كده وشوف هتقدر تتحرك بيها ولا لأ ..
نظرت جيهان لقدميها بألم وقالت وهي تنهض وتختبر حركتها :
_ بتوجعني أوي ..
وبمجرد أن تحركت خطوة حتى تأوهت بصوتً مرتفع من الألم، وبلحظة وجدت نفسها محمولة على ذراعان قويتان تحملنها وكأنها لا تزن شيء !!
حتى أجلسها بغرفة بالطابق الأرضي داخل القصر!
وتتبعهما بعض الصغار وهم خائفين من تصاعد الأمور والخوف من كشف حقيقة الزائرة الحسناء ..
ومددت جيهان ساقيها على الفراش وهي تمسد موضع الألم، وغاب أكرم عن أنظارها لدقائق ثم عاد وهو يحمل معه مرهم طبي، وابتلعت ريقها بخوف وشحب وجه الصغار عندما بدأ يمسد قدمها بذلك المرهم الطبي وقال :
_ لو فضل الوجع أو حصل ورم هاخدك ونروح لأقرب عيادة دكتور ...
ابعدت جيهان قدمها عنه بنبذ وقالت برفض تام:
_ لأ .. مش مستاهلة، وجع عادي من الواقعة !
نظر أكرم لها ببطء وقال وكأنه يسخر منها وتوهمت إنها رأت طيف ابتسامة على زاوية شفتيه:
_ أنشف شوية ... حتة ماتش يعمل فيك كده!! ... أومال هتعمل إيه بعدين ؟!
جف ريقها من ما يرمي اليه وقالت بخوف واضح :
_ قصدك إيه ؟!
نظر لها أكرم نظرة طويلة ثم قال بتهديد مغلّف :
_ قصدي أنك أكبر ولد هنا وأنت هتكون دراعي اليمين، يعني استرجل شوية لسه التقيل جاي.
شحب وجه جيهان ونظرت للصغار بهلع، بينما بدأ اكرم كأنه يقاوم بإخفاء ابتسامته .. ونهض ووقف أمام فراشها قائلًا وهو يضع يديه بجيبي بنطاله في ثقة:
_ دي أوضتك من النهاردة ..
قالت جيهان وجسدها يرتجف بينما عقلها كاد يجن :
_ هقعد هنا في القصر !!
هز رأسه ايجابا بأستفزاز دون نطق كلمةً واحدة، فأشاحت عينيها بعيدًا عن عينيه المدققتان بعينيها، ثم ابتلعت ريقها وأغمضت عينيها في خوف ورعب، خصوصا أن وضعها الآن أسوأ مما مضى ، ولن تستطيع حتى الهروب بقدمها المصابة هذه!.
والمريب إنه لا يترك فتى يمكث بالقصر فلمَ سيتركها على اعتبارًا أنه لا زال معتقدًا بأنها فتى ؟!
وبعد ذلك أمر الصغار أن يتركوا صديقهم المصاب حتى يستريح لبعض الوقت، وقبل أن يغلق باب الغرفة استدار وقال لها ما جعلها ترتعد:
_ هبقى أجي اطمن عليك كل شوية .. مش هسيبك.
كان في كلمته الأخيرة شِبه تهديد ووعيد، واغلق الباب وهو يرميها بنظرة قوية اكثر تسلية من مثيلاتها، وبمجرد أن اصبحت بمفردها حتى وضعت جيهان يدها على وجهها من الخوف وقالت :
_ أنا لازم أهرب من هنا !.
*************
واستعدت فرحة في غرفتها، ولم تعرف لمَ شعرت إنها تريد أن تبدو بطّلة مُلفتة امام عينيه !
كأنهما بالفعل سيسافرا لشهر العسل وليس أجازة مزيفة بغرض خداع الناس لبعض الوقت حتى ينفصلا ..!
اختارت بعناية ردائها، كان فستان مخملي بلون الخوخ، يبرزه حزام أسود رفيع من الخصر وينسدل لأسفل بوسع وأنسيابية، كان يجعلها أصغر سنا من عمرها، وأكثر إشراقة وبهجة، كأنها بالفعل العروس السعيدة بأيام زواجها الأولى..
واعتمدت فرحة بعض لمسات الزينة البسيطة على وجهها، مما جعلها طلُتها تقاتل للفت الانتباه، انتباهه هو بالاصح.
وقد كان ، ونجحت في ذلك.
فقد رفع عينيه عليها ببطء وتفحصها بحرية من أخمص قدميها حتى نظرة عينيها المرتبكة في حياء.
وكانت عينيه محبة ومعجبة حتى وصل لعينيها، فقد تبدلت نظرته للعتاب والالم الشديد ..
همّ واقفا من مقعده وقال وهو يتنهد ويبعد عينيه عنها :
_ في مكان هنروحه الأول قبل ما نسافر لشهر العسل ..
تعجبت فرحة وشعرت بالقلق فسألته:
_ مكان إيه ؟!
رد مجيبا :
_ القصر ..
فغرت فرحة فاها من الصدمة، ايقصد قصر والده حيث يمكث ألدّ أعدائه ؟! ... لمَ ؟! ... فقالت بريبة :
_ ليه ؟!
أجابته كانت غير واضحة ومقنعة عندنا قال:
_ في حاجة نسيتها في القصر وهعدي أخدها قبل ما اسافر، هتيجي معايا ، بس بشرط ، لو نفذتي الشرط ده يبقى هعتبر أن ده اتفاق على هدنة ما بينا ونقضي الوقت من غير مشاكل لحد الطلاق ... أنما لو ما نفذتيهوش يبقى ما تلومنيش على تصرفاتي بعد كده ..
ابتلعت فرحة ريقها وشعرت بشيء مخيف يواريه ، فقالت بقلق :
_ شرط إيه ؟!
اقترب منها زايد ونظر لعمق عينيه لبعض الوقت، ثم قال برجاء حقيقي :
_ تعامليني قدامهم زي ما كنتي بتعامليني قبل كده ، مش عايز مخلوق يحس بأن في مشاكل ما بينا ..
كانت تنظر له وحينها تذكرت كمّ الحقد الذي كان بعينان هيثم عندما أخبرها بحقيقة زايد، وشعرت بأنه لا يريدها أن تكون بنظرهم نقطة ضعفه اللذان يستطيعان من خلالها تدميره.
قالت بصدق :
ولأول مرة يشعر براحة في إجابتها منذ عقد القران! ، فتنفس الصعداء وانشرح صدره لتلك البادرة ..
وعندما جلست بجانبه في السيارة سألته بأهتمام :
_ أنت اللي هتسوق ؟! ... طب ورجلك ؟!
أشارت لإصابة قدمه، فنظر لها نظرة جانبية يستكشف مدى اهتمامها وأجاب:
_ لحد القصر بس ، انما السفر لأ ..
وهنا اطمئنت بعض الشيء، وشردت وهما يسيران بالطريق ، سيجعلها تعاملها اللطيف مع زايد أمام هيثم وأمه تكتشف بعض الأشياء ، ومدى حقدهما عليه وتختبر ردة فعلهما ، ستكن مسرحية هزلية، ولكن شيء فيها يشبه الكوميديا السوداء .. الظاهر شيء والباطن به العمق الحقيقي للفكرة.
وعندما وقفت سيارة زايد أمام القصر، كانت "نوران" ترتشف فنجان قهوتها مع ولدها "هيثم" بالحديقة وهنا يضحكان على شيء ...
وتأملهما زايد من بعيد بكراهية، وذلك بعدما ترجل من سيارته وسبق فرحة زوجته عدة خطوات.
التفت له هيثم وتفاجأ بعض الشيء من ظهوره، ولكن ابتسم بشماتة من مرسم الكراهية على وجه زايد، والذي تنبأ بنجاح مخططه، ولكن تفاجأ هيثم ونوران بفرحة التي تدخل من البوابة العريضة والابتسامة تشق خديها وبطلّتها الآخاذة، ثم استندت بذراعها على ذراع زايد وقالت بضحكة مرحة :
_ مش قولتلك استناني ؟! .. عموما مش مشكلة، مقدرش أخاصمك ..
حملق فيها بذهول كلا من نوران وهيثم ، ونظرت فرحة لهما بشك ، ثم قالت لزايد الذي انتقلت نظرته العنيفة من عليهما لها ، ولكن نظرته لها كانت مدهوشة ببريق محبة وامتنان .. وقالت مجددا وقد بدأت تشعر بالحياء من نظرته :
_ هروح اسلم على طنط نوران يا حبيبي ..
وهنا كانت الطامة الكبرى على الجميع :
_ وتوجهت نظرة هيثم من الشماتة للغضب والعصبية، وتشتت ذهنه وهو يسأل نفسه ماذا يفعل أكثر مما فعل لكي يفرّق بينهما ؟!
واقتربت فرحة من نوران المصدومة وصافحتها كأنها لا تحمل لها أدنى شعور من النفور والحذر ، وقابلتها نوران بارتباك وتوجس. .. ولاح على وجه زايد ابتسامة راضية ... فقد فعلت أكثر مما أمل وتوقع ... فقالت نوران بارتباك واضح :
_ أنتوا مش المفروض في شهر العسل ؟!
ضحكت فرحة وكأنها لا تترك ادنى فرصة لكي تبدو كالعروس السعيدة وأجابت :
_ زايد كان محضرلي هدية ومن فرحته نساها هنا ، واصريت آجي معاه عشان نجيبها قبل ما نسافر لشهر العسل ..
واستدارت فرحة له وشاكسته وهي تمرر يدها على شعره ضاحكة وقالت :
_ لسه مش عايز تقولي جبتلي إيه ؟!
وقالت لنوران وهي تضحك عاليًا :
_ تصوري يا طنط بقالي يومين بتحايل عليه يقولي جابلي إيه وهو رافض !! ... مصمم يورهالي لما نوصل الفندق !
لم يندهش من صدمتهم، فكيف وهو نفسه كاد أن يصدق للحظات ما قالته ويصدق فرحتها التي لا يمكن أن يشك مخلوقا بها !!
فنظرت نوران لأبنها بسخرية وحقد ، ثم قالت وهي تتصنع الابتسامة :
_ لا مالوش حق !
وكادت فرحة أن تتحدث وتتابع تلك المسرحية حتى وجدت أصابعها يتخللها أصابع يد زايد برفق ولطف شديد، وقال لها بابتسامة ونظرة عميقة :
_ خلاص موافق ... تعالي معايا أوريكي محضرلك إيه ..
وجذبها بتملّك اليه، ثم أخذها حيث غرفته بالطابق العلوي .. وجف ريق فرحة من التوتر والخجل .. ريثما أن نظرته لها كانت تحمل الكثير من الدفء.
#سيد_القصر_الجنوبي
#رحاب_إبراهيم_حسن
نكمل بعد رمضان بإذن الله نلتقي في رابع أيام عيد الفطر المُبارك 💜
كل عام وأنتم بخير 🌹🫂
You are reading the story above: TeenFic.Net