||سباق البداية||

Background color
Font
Font size
Line height

____________________

____enjoy____

.

.

.

واقفة وسط الغرفة المستديرة وبعينيها اللتين حملتا برد الأرض وحقد البراكين، تنظر نحو العجوز الذي يجلس على عرشه بهيمنة وسلطة تامة.

" أنتِ متأكدة أنك تريدين هذا ؟"

أشادت بالتأكيد على سؤاله، دون التزحزح للحظة وسط ذلك الظلام، كان الأصفر والأزرق الذي يسبغ عينيها يلمع بوضوح، والقناع الذهبي الذي أخفى وجهها وبه لطخات من الدماء عكس لباسها الذي لم توجد به بقعة نظيفة واحدة، يصرخ بعزمها قبل كلماتها

" ستُجردين من لقب الأوكريانو لسنة كاملة، ولن نتدخل في أي من مشاكلك، ولن نقف خلفك، ستكونين وحدك".

وهكذا أنهى كلامه ضاربا الأرضية بعصاه الفضية التي زين أعلاها نقش الأفعى الذي يبجل لقب حُكام أثينا

كما كان جوابها المتعالي عليه يكسر ثقته حول ترددها
"وهذا ما أريده تماما"

.

.

.

.

.

سرير واسع، مساء هادئ، راحة في النفس، وسلام في العقل، أشعة الشمس برتقالية اللون غازلت زجاج الشرفة برِّقة ودلال لعب بأوتار قلبي، وتسمح للدفئ المريح أن يسرِي بجسدي.

الآن أسأل نفسي، هل أنتِ بخير ؟، هل وصلتِ غايتك التي تمنيتها ؟

هل لكِ أخذ الدفئ دون الاعتماد على جِذعٍ هَشْ؟

للمرة الألف تنهدت... ولم آلف كل هذه السكينة قبلا.

ورغم ذلك، شعور الفراغ خالدٌ في ثنايا روحي، لماذا ؟ هل بِتُّ أُنكر الأمن بعدما سعيت له جاهدة ؟ أم السبب ليس إلا أنني مدركة في عمقي، أن هذه كذبة ستنتهي لا محالة

صدح صليل هاتفي يرن في أنحاء الغرفة، صوته كان مزعجا علمت أنها كاليسي، فمن غيرها معتادٌ على ازعاج خلوتي؟ كما أبتغي جوابا، لما اختارت نغمة جرس السجن لهاتفي ؟!

" ما الذي تريدينه؟" بنبرة ضجرة أجبت ويدي تتغلغل شعري الذي وقف كأنما صعق من اعتدالي المفاجئ

"كوني لبقة يا إمرأة" أعقبت جوابها بفظاظة وتبتغي لباقتي ؟رحمتك الهي! بعد أن خربت لحظات الراحة التي حظيت بها بشق الأنفس.

" إذا؟ كيف نيويورك معكِ؟!".

مال طرفي في ضجر يشوبه الغرور والعلياء وأجبتها وعيناي على أظافري " لا تقارن باليونان ولا بسويسرا"

سمعت تنهدها خلف سماعة الهاتف، أدري كم أنني كثيرة التململ والاشتراط، لكنها فقط طبيعتي .

" ألا يمكنك التوقف عن انتقاد كل شيء وكل مكان وكل شخص؟".

نظرت لإنعكاسي بالمرآة وتلك الإبتسامة المستمتعة قد شقت شفتي.

" أنتِ يا كاليسي، إمرأة جسدًا وطفلة عقلا، وقحة الكلام، متملمة الحال، كثيرة الشكوى"

وقبل أن أكمل سلسلة الصفات التي تخصني أنا في الواقع، أوقفتني مجيبة بصوت ارتفع غيضا

" أجل أجل، لقد فهمنا أني شخص سيء، يا إلهي ماهذا؟ أكل هذه الصفات موجودة في أنا".

اجتاحتني رغبة في الضحك سيطرتُ عليها بصعوبة وقلت في نبرة حانية معاكسة للفظة التي استخدمتها قبلا" وصديقة جيدة رغم كل ذلك".

ضللت أنتظر ردها لثوان، لكنها لم تتنفس حتى، مابالها؟.

" كاليسي؟!" استغربت طول صمتها، ولوهلةٍ حسبتها ماتت فجأة، ثم سمعت وأخيرا تلك الحمحمة التي أصدرتها قبل أن تجيب بتوتر" أجل، أنتِ أيضاً".

أجل فهمت، هي محرجة لأني مدحتها! بالتأكيد ستكون كذلك، لقد حظيت بمثل هذا الشرف.

" إذا كيف المكان عندك؟" نظرت حولي لكل زوايا الغرفة.. لم أقيمها عندما دخلتها والآن أفعل.

" دافئة" همست في بهجة، وشعرت بالدفئ يضرب جسدي كأنما كان مستعدا لمعانقتي إذا ماطلبته.

" مسرورة أنك تشعرين بالراحة ماريسا" شقت بسمة واسعة وجنتي، نبرتها الصادقة التي لطالما أشعرتني بالأمان.

" إذا ستأتين غدا لننهي توقيع ملفك؟؟!" رمشت كالبلهاء أحاول أن أتذكر بما وعدتها.

أجل، ياللهول، يجب علي التسجيل في الجامعة، لكنني عدت هنا منذ أسبوع فقط، ألا يسمح لي بالنوم أكثر؟!.

" ربما سأطلب من خالتي فعل ذلك بدلا عني" أجبتها وتمددت على سريري، مرهقة من تذكيرها لي بشيء يدعى الجامعة، ليس الأمر أني غبية بل العكس تماما، لكن كسلي يعيقني

" بحقك، نحن لم نلتقي منذ ثلاث أيام كاملة! "

أمسكت جملتها فورا أجيب بسخرية" إصبري مثلما صبرتِ سنة كاملة"

تسللت قهقهت صغيرة أفلتتها لمسامعي قبل أن ترُد بصوتها المرح " لا، بما أنك هنا لن أصبر".

يالها من صيادة ماهرة! و في حين أستقيم من سريري أعقبت قائلة "حسنا سآتي"

" رائع، العاشرة والنصف، لا تتأخري" أنا حقاً لا أحب الإلتزام لكن ماذا يمكنني أن أفعل إنها كال في النهاية " أجل أجل لن أتأخر".

" رائع تصبحين على خير قناع" ارتفعت شفتي بإبتسامة سعيدة.

" تصبحين على خير قطة، رغم أن وقت النوم لم يحن بعد"

"لن انام لدي مباراة أحضرها " وهكذا دون أن تقول شيئا آخر أقفلت الخط، يال الوقاحة!.

ثم أي مباراة هذه ؟ لما لم تخبرني سابقا لربما شئت الذهاب ؟

هذا لأنني متساهلة جداً ولا أوبخها لذلك تستمر في تقليل الأدب.

لطالما حفظت المسافة بيني وبين الآخرين، وحرصت على عدم الإحتكاك بالناس أو التعمق في العلاقات.
لكن هذه السخيفة كانت الإستثناء الأجمل بحياتي

وقفت أمام المرآة ورحت أحدق بهيئتي، بتنورتي السوداء والقميص الأزرق ذو العنق الطويل.

كان من المفترض أن أخرج لكني فقط غفوت.
حملت المشط الذي كان على المكتب ومررته بشعري سريعا، ولأنه كان ناعما لم أعاني في ترتيبه وجعله مستقيما،

توقفت قليلاً، تشق عيناي وشم العشرة الإغريقي في رقبتي، رقم عجيب من ديولونيس، ثم نظرت ليدي، للعشرة الطبيعي، أكان عليهم وشم كل هذه في جسدي؟ سرحت شعري مخفية اياه به أيضاً وما إن أنهيت حتى ألقيته على السرير.

ثم حملت علبة العدسات بنية اللون أضعها بعيني، حتى أخفي جمالهما اللافت للإنتباه عن الأنظار، أنها لَحالةٌ نادرة هذه التي لدي، فقد كانت عيني اليمنى زرقاء اللون صافية هادئة، واليسرى عسلية حلوة حارقة، لكن للأسف لا أريد جعل الأنظار علي حالا لذلك أضطر لأخفيها

ابتسمت ومررت أصابعي بخصلات شعري المنسدل للأسفل
تأخر الوقت وأخاف حقا أن ترفض كارلا السماح لي بالخروج، لكن لا ضرر بالمحاولة

وعندما التفتت للخلف وقعت عيناي بالصدفة على الصندوق الأسود الذي كان أمام السرير.

كم اشتقت له.

اتجهت نحوه تمعنت بأطرافه المنقوشة بخيوط الذهب الخالص

ولأني فتحته فقد لاح عزيزي الجميل أمام عيني مباشرة وابتسمت والحماس يغمرني مثل كل مرة أراه فيها.
أظنني من شدة مشاعر الشوق التي أكنها له قد رَق وإبتسم لي.

وعندما مددت أصابعي لسحبه جاءت الصرخة التي خطَّت فرمان موتي من باب غرفتي الذي فتح على مصرعيه بهمجية.

يا إلهي، ليس مجدداً

تنظر إلي بعيونها الزرقاء، العضو الوحيد الظاهر من القناع الوردي الذي تضعه على وجهها، ورداء الحمام يلف جسدها، لما أقدامها حافية؟!.

" ما الذي تفعلينه؟" راحت عيناها ترعى أصابعي التي تعانق أطراف القناع و..

انتهى أمري

" تبقين هنا بعد أن تلقي بكل الظلام والحياة السوداء التي عشتيها وراء ظهرك، هذا ما إتفقنا عليه"

أشرت موافقة راسمةً إبتسامة متملقة على وجهي" كنت أرتب حاجاتي وحسب، لاتقلقي كارلا"

رفعتْ حاجبا بسخرية لاذعة وقد كان واضحا كم أنها لا تصدقني.

" ضعيه في الصندوق أقفليه،.وأحضري المفتاح لي"
رمشت كالبلهاء وجملتها تدور في عقلي ، ليس لتلك الدرجة!

" مستحيل!" صحت مندفعة، لماذا؟! لأنني بلهاء غبية كشفت نفسها بهذه اللحظة.

تنهدت هي طويلاً بتعب وراحت تمرر أصابعها على جبينها
وفي محاولة مني لتعقيم غبائي قلت بشيء من الإرتباك " أقصد أجل يمكنك أخذه، لكن لا تعامليني كطفلة، لا أحب ذلك"

لكنها لا تزال تنظر إلي والبرود يغلف عينيها...فهمت أني لن أستطيع التهرب لذلك بكل إذعان أقفلت الصندوق وأعطيتها المفتاح.

نظرت إليها مجددا أحاول هزمها بلمعة الجراء بعيني، جمعتْ عقدة بين حاجبيها،ضربت جبهتي بإصبعها.
كم أكره هذه الحركة.

"ماريسا، نحن هنا نرغب بجعلك مرتاحة،دون ضغوطات دون مشاكل ودون اي من قذارة الماضي ، تعرفين ما أقصد".

ابتسمت إثر نبرتها الحانية ويدها التي تمسح على شعري

" أعلم أن التأقلم صعب، لكننا سننجح معا إتفقنا!"

قالت مشجعة روحي الميتة كعادتها ولم أستطع عمل شيء سوى الإبتسام مسايرة لها " أجل خالتي"

انفرجت شفتاها والرضى على ملامحها وراحت تعبث بخصلات شعري مبعثرة ما رتبته فدفعت يدها عني منزعجة

توقفت للحظات عن العبث بشعري المسكين ونظرت لهيأتي كلها من أعلى لأسفل تلك اللمعة المقيمة في عينيها، رفعتُ حاجبي بإستغراب وتحركت في مكاني من التوتر، ما هذه النظرة؟.

ويبدو أنها لاحظت توتري فقالت" إذا أردتِ الخروج إفعلي لكن لا تتأخري اتفقنا؟ سأخرج في موعد ما ناثان هذا المساء ".

ليس الأمر كأنها كانت تمنعني من الخروج أو أني سأمتثل لها إذا فعلت لكنها لا تحبذ التسكع ليلاً وأنا لا أريد إغضابها بالأسبوع الأول، هذه المرأة مجنونة قد تلقيني عند عتبة الباب إذا أزعجت راحتها ولن تتردد للحظة.
ثم اتسعت ابتسامتي أكثر عند ذكر ذلك السخيف مفتول العضلات.

" أنتما جادان في هذه العلاقة؟!"

خرج السؤال من شفتي بينما أرتدي معطفي الجلدي الطويل، وكان واضحاً أني بصدد الخروج، بينما هي توقفت لوهلة قبل أن تجلس على الأريكة الواسعة وتفرد رجليها على الطاولة الصغيرة

" إنه يصر على الزواج وعرضه مراراً، لكني أخشى الندم إذا ما قبلت ".

تشكلت عقدة بين حاجبي و أوليتها تركيزي" تندمين؟! تواعدتما لأربع سنوات وخطبتما منذ سنة هذا يعني أنكما مع بعض منذ خمس سنوات كاملة وهذه السادسة، ولا تزالين تترددين؟"

بدت أنها تفكر بكلامي لأنها شردت بوجهي وأظافرها أسفل أسنانها، وهذه واحدة من عاداتها السيئة عندما تتوتر أو تفكر.

" ليس كذلك لكن، هناك رجال لا يبدون لك جانبهم الأسود إلا بعد أن يوقعوكِ، و أنا لا أعطيه كامل ثقتي أنا لا أفعل لأحد، لقد أخذت درسا قاسيا عن الثقة من عائلتك".

حالت ملامحي للإنكسار وشعرت بضيق في صدري،لما دائما عائلتي من يفسد الأمر؟

"أنتِ الآن عائلتي الوحيدة ماريسا، كنزي الجميل ولا أريد أن تضيعي مني، ولست مستدعتا أبداً لخسارتك فهمتي؟!".

وقفت وتقدمت مني وأحاطت وجهي بأصابعها الطويلة، لطالما أحببت أصابعها.

" أنا آسفة على ما فعلوه خالتي"

كنت سأكمل لكنها وضعت إصبعها على شفتي فتوقفت عن الحديث.

" لا تعتذري ماري، أنا هنا أشرح لك موقفي، لست أمتلك قوة كبيرة للدرجة التي تجعلني أفتح صندوق حياتي لشخص آخر بعد، أنا أحب ناثان لكنني فقط، أخاف، أنا خائفة وأحتاجك بجانبي الآن".

أمسكت يدها التي تكوِّب وجهي بيدي محاولةً إعطائها بعض الأمان وكان ذلك صعبا، ومخيفا، فأنا لا أستطيع إعطائه لنفسي والتفكير أنها تراني كعائلتها الوحيدة وتتشبث بي لهذه الدرجة أرعبني، أنا...أنا شخص منعدم المسؤولية وأناني حتى من أجلي فكيف بالنسبة للآخرين.

" لا تخافي أنا معكِ" كنت سعيدة وأنا أقول تلك الجملة رغم أني متأكدة من استحالة تحققها كليا.
لكن من أجلها سأحاول

" هذا يعني لي الكثير، ولا تقولي خالتي مجدداً لست عجوزا ".

قلبت عيني بسخرية وقمت بتغيير دفة الحديث العاطفي هذا " ستصيرين على هذا المنوال عندها سأناديك بالشمطاء البائسة".

تفاديت سريعا الوسادة التي ألقتها علي وارتفعت ضحكاتي

فيما أحمل مفاتيح سيارتي الموضوعة على الطاولة، ثم أرسلت قبلة طائرة نحوها.

دحرجت عينيها مجيبة بملل" تأخري و سأركلكِ".

ضغطت على الزر بإصبعي لأفتح الباب ثم نظرت إليها" سأحاول"

.

.

.

.

.

.

أين أنا الآن؟!
أجلس خلف مِقود سيارتي 'غيني' وعيني تراقِب الأضواء بنفسجية اللون المُشِعة مِن العداد.. لمست أصابعي شارة الثور المطبوعة وسط المِقود بتأني..

أفكر بِـكَم إشتقتُ لكاسبر، سيارتي الحبيبة

هذا كله من أمن المطارات!ما المانع في إدخال بلاك فيراري للبلد جواَ!.

أنا لن أتاجِر بها على أي حال
أرحتُ جبيني على المقود مُعلِقةً بصري على الحصان البارز

" أنا لا أكرهكِ غيني، أنا فقط أشتاقُ لكاسبر، عزيزتي لا تغضبي مِن ماما إتفقنا؟".

رأيته متأكدة اني رأيت الثور ينزل قدمه ثم يعيد رفعه، طفلتي المطيعة!.

" أنظري.. سأقودكِ لأثبتَ لكِ أنني أحبكِ".

قلت ثم ضغطت على أحد الأزرار مستغنيةً عن القيادة الذاتية، و لديَّ مِن الطاقة ما يكفي لـ..
لا ليس لذلك الشيء، ليس الآن.

أصدرَ مُحرِك طفلتي صوتاً مسروراً يُخبرُني كم أنها مشتاقة للسير مسرعة متسابقة مع الريح

خرجت من المجمع السكني الذي نقطن فيه وقد شزرني الحراس بنظرات مشككة وغير مسرورة.

هم متفانون في عملهم، يحمون الطبقة المخملية التي تقطن في نواطح السحاب هذه.
بما أن كارلا واحدة منهم،وهي خالتي، فأنا منهم

أعطيتهم إبتسامة صفراء وتوجه أحدهم ليفتح الباب بينما ظل الآخر ينظر إليَّ بتمعن، ربما يفكر كيف لي ان أملك كل هذا وأنا المغتربة ؟ أو ربما يفكر أن لا حق لي فيه

عندما تحركت أبواب المَدخل الحديدية لم ألبث ثوانِ حتى ضغطتُ المكابِح بقوة، فصنعت إحتكاكاً مثالياً بين العجلات وأرضية المدخل، ضحكتُ بإستمتاعٍ بعد أن جعلتهم يهرولون بعيداً عن الباب يتفادونَني.

أجل! تذوقوا طعم التراب مع رائحة الإحتراق، إنهما المزيج الأفضل!

ألم يروا فتاة تقود سيارة رياضية من قبل ؟ يا للعنصرية

على أي حال، وجهتي كانت الصيدلية للحصول على بعض الأشرطة الطبية ثمّ نستبدل عجلات غيني .

" أأنتِ مستعدة لوجبة دسمة عزيزتي!" سمعتها تضحك بسرور، أنا أعرف عندما تكون صغيرتي سعيدة.

أما الآن ....هيا لوجهتنا الأولى
.

.

.

.

.

.

.

.

.

أمر برفوف المطهرات بالصيدلية، حاملة بين يدي علبة ضمادات ومطهر وفوط صحية و شكراً لغبائي الذي أنساني أن أحضر سلة

نظرت لأعلى الرف حيث الفيتامينات هناك، كيف أصل إليه الآن ؟!
عدت للخلف بغية إخبار موظف لكني، ولأني قليلة الإنتباه قد وقعت أرضاً ممسكةً جبيني في حين كل أغراضي واقعة ومتناثرة بجانبي.
ما هذه الحياة

" أنا آسف يا آنسة، هل أنتِ بخير ؟! ".

دلكت جبهتي التي تلسعني بعصبية " أجل بخير"

" أنا حقا آسف"
رفعت بصري نحوه بغيت صدِّه لكني عدت لأُخرس نفسي بدلا عن ذلك.

الهي رحمتك، ما هذا الكائن الجميل الغريب؟ نظرت لهيئته، شعره صبغة وردية اللون.. أعينه بنية هادئة وأسفل جفنيه وشمان بخط مستقيم، لم يكن لطيفا أبدا، ثيابه السوداء والقلادة التي تحمل رأس الجمجمة يدلان على ذلك،لون شعره رغم لطافته لم يُبدهِ كذلك.

ثم لماذا نبرته مراعية ومخيفة ؟! ماهذا التناقض العجيب!
استفقت من شرودي عندما بسط يديه التي تحمل أغراضي أمام وجهي، نظرت لوجهه وعينيه مرة أخيرة قبل أن أبتسم وأقول دون تفكير " تغفر لك وسامتك يا سيد".

رمش مرارا ينظر لوجهي قبل أن ترتفع شفته بإبتسامة هادئة " شكراً على العَفوِ آنستي الجميلة"

أنا أعلم لكن عندما يقولها شخص آخر ترتفع نسبة الغرور في دمائي

" شكراً لك" قلت أقف من جلستي الفاضحة.

وحملت الأغراض بيدي، بينما استمر هو بالابتسام ، رفعت حاجبي " ماذا ؟!"

" ربما تريدين أن تضعي أغراضك بسلتي ؟ ".

ابتسمت و نظرت ليدي التي لم تعد تحتمل كل هذا الثقل

" أجل من فضلك، وأيضاً أيمكنك إحضار تلك العلبة من أجلي ؟"

أومئ برأسه ومد جسده ليأخذها، وظللت أحدق به راغبة في تقييمه أكثر، وربما دراسة روحه من حركاته

وضع الفيتامينات في السلة وأشار بيده لأتقدمه.
وبالتأكيد فعلت ذلك برحب صدر ودمية الغرور برأسي ترقص سعادة .

لما ليس كل الرجال بلباقته؟ أنا لم اتكلم معه أكثر حتى وصلنا لطاولة الدفع، وبدأ بإخراج الأغراض من سلته.

كما لست الفتاة الخجولة التي سترفض أن يدفع شاب وسيم وغني من أجلها، أجل غني لأنه يمتلك بطاقة سوداء .

كنت اتكأ بجسدي على الطاولة بينما اتمعن فيه ، والفتاة التي كانت خلف طاولة الدفع تنظر نحوي وتحرك حاجبيها.

ألقيت لها غمزة سريعة، و عندما أخرج الفوط الصحية كانت الدهشة تحتل تعابيره، وأراهن أني رأيت احمرار لطيفاً بأعلى أذنه.
نظف حلقه محرجا، وبصعوبة قدمه لها.

هذا الظريف السيء.

العاملة تتصرف بذكاء فقد تكلمت بنبرة ذات معنى" إنك حقا شاب نبيل شباب هذه الأيام لا يلبون حاجيات فتياتهم أقصد، الفوط الصحية".

همست آخر كلماتها ومررتُ لساني على صف أسناني مركزة على ملامحه المقتضبة.

نظر نحوي فجأة يهز رأسه، هل يتوقع مني أن أنفي ما قالته يال السخافة!.

" أليس كذلك؟ ستختفي النسوية لو كل الرجال مثله"قلت عابثةً، بخصلات شعري مبتسمةً أدعي البراءة.

" لا يجب عليك أن تضيعيه"أجابتني وطرف شفتها ارتفع بخبث، فهززت رأسي مؤيدة كلامها

" معك حق".

أطلق ضحكة صغيرة وانزل رأسه أرضاً فتساقطت خصلات شعره على عينيه.
هذه الحركة، تُعبر عن انسان خلوق مؤدب، لكن في عينيه ما هو غريب حقاً

" النساء خطيرات" كانت جملته قبل أن يحمل الأكياس و أعطاني خاصتي، وتحرك يتخطاني لخارج الصيدلية، بينما ودعت الموظفة وخرجت سواء.

كانت سيارة المرسيدس السوداء التي فتح بابها جميلة وأخاذة أحب السيارات الجميلة بحق.

أغلق الباب و عاد ليتقدم نحوي و اعتدلت في وقفتي.

" أدعى إيكون بالمناسبة" باشر يعرف بنفسه و يمد يده وسرعان ما حشرت خاصتي فيها، أصابعه ليست بذلك الطول لكنها مناسبة ، يالهي هوسي العجيب هذا بالأصابع يجب ايقافه.

" ماريسا" أجبت بصوت هادئ يشوبه بعض الحماس فيما أنظر لعينيه مجدداً، وصخب شوارع نيويورك كان معاكسا تماما لحفرة الهدوء بهما.

" مُبهجة، ماريسا"

اومأت بسعادة غامرة وعيناي لا تنزاح عن عينيه" أعلم".

طرف بعينيه وبالكاد ابتسم ثم ارتفعت يده واعادت خصلة من شعري خلف أذني
يا إلهي هذا لطيف

" وداعا ماريسا"
حسنا أنا هنا لأكون فتاة عادية في جامعة عادية

لا يصح أن اختطفه.

نفضت الفكرة من عمق فكري، وعندما لوح لي بادلته دون التوقف عن مراقبته أثناء ركوبه سيارته.

هذا الشخص، غريب.

شيعته ببصري حتى ابتعد عن ناظري ثم إلتفت لغيني أرسم إبتسامة

"أرأيتِ كم هو جميل يا فتاة؟"

ركبت سيارتي وتنهدت أنظر للسقف وأيضاً أنا أبتسم.
يالي من فتاة سهلة المنال!
والآن ما الذي قد تحتاجه نفسيتي الجيدة؟!.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

" أنا آسف، لا تتركيني، أحتاجك هنا معي"

غنيت بصوت عالٍ مع المغني، أشعر بلسعة بعيني، رباه! هذا درامي وعاطفي.

" أنا أعلم، أن حبك قد اختفى، لا أستطيع التصديق، أنا آسف"

إنه مسكين، إلهي كم أشفق عليه، وبذكر المساكين فلست مستثناة بما أن حبيبي كاسبر ليس معي.
أود الموت حقاً، ضغطت على المكابح بقوة تسببت في صوت مزعج جعل أنظار الناس تلتفت لي، ابتعدوا عن طريقي أعيش في اكتئاب الآن

" أنا أعلم، أن حبك قد إنتهى،أن حبك قد إنتهى"

كانت هذه الكلمات الأخيرة قبل أن أوقف غيني أمام ورشة الميكانيكي فجأةً وسمعت نحيبها على ذلك.

" آسفة طفلتي أنا في حالة مزرية.. أمكِ ليست بخير" ربتُ على المقود ثم أعطيتها قبلةً صغيرة.
وهكذا كانت مراسم توديعها لعشر دقائق.

ترجلت من السيارة وسرت داخل الورشة، لم تكن ذلك النوع الراقي من الورشات بل بدت قديمة وعتيقة حتى أن جدرانها مغطاة بالزيوت السوداء التي اشتبكت مع الدخان فأضحت لطخة سوداء مقززة.

ألا يوجد مكان قريب للعمل غير هذا؟ الأماكن المتسخة تثير حساسيتي

" مساء الخير آنستي، كيف يمكنني مساعدتكِ؟".

نظرت للرجل الكهل الذي يرتدي مريولة زرقاء ملطخة ولم يكن هذا غريباً.
إنه يشبه الشخصيات الخارجة من برامج الأطفال، الشخص الملطخ الذي يمسك بيده مفكا ويضع قبعة برتقالية، هذا ما كان عليه.

"أريد تغيير إطارات سيارتي" عيناي على غيني ريثما أجيبه، ولم أكن متأكدة أنه قد يملك النوع الذي أحتاجه.

" إنها جميلة" أعقب متفحصا هيكلها، فرفعت ذقني عالياً بغرورٍ، أكيدٌ هي كذلك.
إنها طفلة ماريسا لافيتين بعد كل شيء.

تحركت يده لتضرب الإطارات بخفة ثم أردف يستقيم من جلسته " الإطارات ساخنة أكثر من اللازم، يبدوا أن الآنسة تحب الضغط عليها".

رفعت حاجبيَ ،لم يعجبني تلميحه الفظ " غيني ليست ضعيفة يا رجل! هِيَ تستطيع تدمير ورشتكَ الكئيبة هذه صدقني".

ابتسم وقد بدى ذلك بعينيه، الإستمتاع.

" إذاً لِمَ لَم تقم غيني خاصتك بذلك؟! لِمَ لَم تدهس هذه الورشة الكئيبة؟ " سأل يرفع يديه بينما أعيُنه تتجول حول المكان بأكمله.

" لأنها تملك ما هو أكثر أهمية لفعله، والآن أتملك الإطارات أم ماذا؟"

إقترب مني خطوة ورفعت حاجبي ببرود قبل أن أتكلم " لا تفكر بالإقتراب أكثر يا هذا إذا كنت تريد البقاء كاملاً دون نواقص".

رمش بتعجب وهو يميل بجذعه يرفع الغطاء الذي كان بجانب الجدار" إسترخي، أنا لا أهتم بالقاصرات" .

" ألا يزال عجوز مثلك يمتلك الحق بالإهتمام؟ عجيب".

بدى أن كلامي لم يعجبه من نظرته ومن طريقة رفعه الفضة لغيني.

" على رِسلكَ يا هذا لا تُقحِم طفلتي بمشاكلي الشخصية".

ألقى نظرة ساخرة نحوي ثمّ رَمقني مِن أعلايَّ لأسفلي، ما بال الخلقِ مع هذه النظرة اليوم؟!.

" لا أظن أنني قد أملك أي شيء شخصي معكِ يا فتاة".

عضضتُ شفتي مغتاظة وأجبت في ملل " جيد جداً".

راقبته بينما يضع العجلات ولأصدق القول،
كانت غيني خلابة، سوداء بأضواء بنفسجية تغطي الإطارات، مَن توقع أن هذا المكان يضم مثل هذه الأشياء المُبهِرَة!.

نظرتُ للرَجُل مجدداً، و بعد التفكير، ليس كهلاً ربما هوَ في منتصف الثلاثينيات.
وأيضاً، له أعين خضراء خلابة
لا بأس بِه.

إستقام يمسح يديه بخرقةً بَهُتَ لونها الأبيض وأضحت سوداءً بسبب الدهان الذي عَلق بيديه إكراهاً.

وقف أمامي بطوله الفارِه ينظر لعَيّني ببرودٍ وملل" خذي سيارتك وأعطيني أموالي،لا نقبل البطاقات، إدفعي نقداً".

" أجل أموالكَ" سحبتُ حقيبتي مِن غيني وأعطيته ما كان فيها، ما هذا بحق الإله! لقد أحضرت هذه من أجل شراء بعض العصير لم أتوقع أني سأدفع نقداً لميكانيكي.

أخذها يُليها كل الإهتمام ويمرر أصابعه عليها، مضجر.

تنهدت و ركبت غيني وتأكدت من عجلاتها بسحق الأرضية بها، لقد لفت ذلك إنتباهه إذ تهجم علي بنظراته المنزعجة، فما كان مني إلا التوقف.

أخرجتُ رأسي من النافذة و رحت أصرخ " عملٌ جيد أيها العم شكراً لكَ!".

إنقبض فكه وبدى عليه الغضب، هنالك أشخاصٌ لا يحبون عندما يتم صفعهم بالحقيقة.
رَفع رأسه نحوي ينظر لعَيّني وحدقت به بالمقابل وقد لاحت بسمة حقيرة على وجهه " ستعلقين في الزحام".

أملت رأسي بإستغرابٍ فإستمر مبتسما "إنها التاسعة والنصف الطريق الذي جئتِ مِنه سيكون مزدحماً ألا تعلمين بشأن هذا؟"

تحركَ يتكأ على أحد الكراسي"على كلٍ، هناك مباراةٌ في الملعب الكبير اليوم لا أظن أنكِ ستجدين مساحة لتمري منها إذا عدتِ أدراجكِ من هناك".

تذكرت حديث كاليسي، إنها المباراة التي كانت تتكلم عنها.
يا رجل حياتي بائسة.

" أهنالكَ طريقٌ آخر؟ " سألت و قد نال الإنزعاج مني ،وعاد يقترب نحوي حتى وصل إلى جانبي وهبط بصره نحو عَيّني

" تجيدين قيادة السيارات؟ أعني في السباقات؟"

اومأت باستغراب، حينها هز رأسه مركزا في عيني وهيئتي " رغم أنك تبدين فتاةً مدللة ضعيفة"

أخذت لحظات لمراجعةِ ما تفوه به " أستميحك عذراً ؟".

ابتسم بسعادةٍ غامرة قائلا في حماس " هناك طريق،

You are reading the story above: TeenFic.Net